(١) أقلِع عن التدخين يا بني فهو ضار بالصحة متلِف للمال. لستُ أقبل حجتك يا أبي فقد اعتدتَ أنتَ نفسك التدخينَ حين كنتَ في مثل سني.
(٢)«كيف أستمع إلى نصيحة هذا الطبيب بخفض وزني إذا كان هو نفسُه بدينًا كالدب؟!»
تعمِد هذه المغالطة إلى صرف الانتباه عن حجة الخصم إلى سلوكه، أو إلى أفكاره الأخرى، الراهن منها أو الماضي، فالحق أن تورط الخصم في ذات الخطأ لن يُحوِّل الخطأ إلى صواب، وأن الدفع بتورط الغير في الفعل نفسه إنما هو تشتيت لا صلة له بصدق التهمة الأصلية، على أنه تكتيك يضلل الخصم عن صُلب الموضوع ويؤثر تأثيرًا بالغًا في مسار الجدل، إذ إنه يضع الخصم في موضوع دفاع وكثيرًا ما يستنفد جهده في الدفاع عن نفسه! إن المغالط هنا لم يتناول التهمة المطروحة ولم يُجب عن السؤال الموجه، بل حَوَّل التهمة ببساطة إلى الخصم أو السؤال إلى السائل! لقد خرج عن الموضوع وغالط لأن اتهامه للخصم حتى لو صَحَّ فهو لا يمس التهمة الأولى ولا يتصل بالسؤال الأصلي، وأقصى ما يمكنه تحقيقه هو أن يثبت أن الخصم منافق لا أن حجته باطلة.
ولعل أفضل تَصَرُّف تأتيه إذا واجهك خصمُك بهذه المغالطة هو أن تبتسم معترفًا، ثم ترده في الحال إلى حجتك الأصلية التي لم يَرُد عليها بعد، بذلك تحبطه عن تشتيتك وإخراجك عن الموضوع، وبوسعك، إن شئت، أن ترجئ انتصافك لنفسك إلى مقام آخر.
أجدَرُ بمن ذاق مرارة الظلم أن يُعفِي منه ضحايا جُدُدًا.
يبدو أن العدالة تقتضي أن يكون الطرف المتضرِّر هو نفسه بريء الساحة، يتجلى ذلك فيما نأخذ به عادةً من مبادئ تحملنا على كفِّ الملام عن الطرف المتهم إذا كان المجني عليه يرتكب الفعلَ ذاتَه: