أن تقول «هذه الذاكرة بنفسجية» فأنت تضفي على كيانٍ معين خاصةً «لا يمكن» أن يمتلكها هذا الكيان، لا مجرد أنه «تصادف» ألا يمتلكها، أما حين تقول «معظم الأمريكيين سود» فأنت رغم خطأ عبارتك لا ترتكب «خطأ مقوليًّا»: ذلك أن كون معظم الأمريكيين بيضًا هو صدق «عَرَضي»(طارئ، حادث) contingent فحسب، وليس ثمة استحالة منطقية في أن تنتظم الوقائع وتنصرف الأمور بحيث يكون معظمهم سودًا، لكي يكشف المرء خطأ مقوليًّا يتعين أن يبين أنه ما إن يفهم الظاهرة المعنية فهمًا صحيحًا حتى يتجلى لعقله أن الدعوى المطروحة لا يمكن «من حيث المبدأ» in principle أن تكون حقًّا.
تلتقي جميع ضروب الخطأ المقولي في أنها تتضمن إساءة فهم لطبائع الأشياء التي تتحدث عنها، فهي تتجاوز الأخطاء العادية والبسيطة كالتي تحدث حين ننسب لشيءٍ صفةً لا يتصف بها ولكن كان من الجائز أن يتصف بها: الخطأ المقولي هو أن ننسب للشيء صفةً من المحال منطقيًّا، وفي جميع الأحوال الممكنة، أن يتصف بها.
[(١) جلبرت رايل والخطأ الديكارتي]
كان جلبرت رايل G.Ryle (١٨٤٨ م) هو مَنْ أدخل فكرة «الخطأ المقولي» كطريقةٍ لتبديد الخلط المتفشي في نظرية ديكارت في العقل، وتبديد الكثير من المشكلات الظاهرة في فلسفة العقل، افترض ديكارت أن العقل «شيءٌ» بنفس الطريقة التي يكون بها الجسد شيئًا، ثم طفق يتساءل: كيف يتفاعل هذان الشيئان؟
ذهب رايل إلى أن من الخطأ أن نعامل العقل على أنه شيء مكون من جوهر لا مادي؛ لأن محمولات الجوهر غير ذات معنى إذا كنا بإزاء مجموعة من الاستعدادات والميول والقدرات (أي العقل)، إن ديكارت «يُشَيِّئ» الأحداث العقلية بدلًا من أن ينظر إلى الأوصاف العقلية على أنها مجرد نوعٍ واحد من وصف الأشخاص واستعداداتهم.
يضرب رايل ثلاثة أمثلة للخطأ المقولي:
(١) فهذا زائر غريب لجامعة أكسفورد، اطَّلع على مختلف المدرجات والمكتبات والمعامل والملاعب والمكاتب الإدارية … إلخ، وإذا به يسأل بعد كل ذلك:«حسن، ولكن أين الجامعة؟» لقد أخطأ الزائر إذ افترض أن الجامعة شيء آخر يُضاف إلى ما رآه، إنما