للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنْ تُسمم بئرًا هو أن تبادِرَ بضربةٍ وقائية ضد خصمك، وتَصِمه بأن لا يُولي الحقيقة أي اعتبار فيتضمن ذلك أنه مهما يقل فيما بعد فلن يثقَ به أحد، قد يكون التسميم، شأنه في ذلك شأن الحجة الشخصية الاعتيادية، إما بالسب abusive وإما بالتعريض بالظروف الشخصية circumstantial.

[أمثلة]

(١) لا تصدق ما «سيقول»، إنه وغد. (تسميم بالسب.)

(٢) ليس سوى مأفون مَنْ يعارض إضافة الفلورين إلى الماء. (تسميم بالسب.)

(٣) إن خصمي طبيب أسنان وبالطبع سوف يُعارض إضافة الفلورين إلى الماء، فذلك سوف يُفْقِده كثيرًا من الزبائن. (تسميم بالتعريض بالظروف الشخصية.)

(٤) لَكَم كنت أود لو بإمكان الرجال أن يتفهموا هذه المسألة (الإجهاض)، غير أنهم بحكم موقعهم الذكوري لا يملكون رؤية هذا الأمر من منظور المرأة، وكم كنت أتمنى لو أن هناك عددًا أكبر من النساء في هذا المجلس لكي يتحدثن في هذا الشأن من زاوية نسوية، فالرجال لا ناقة لهم فيه ولا جمل، ولا ينبغي أن يُصدروا فيه حكمًا، وإن أصدروا فليحفظوه لأنفسهم. (تسميم بالتعريض بالظروف الشخصية.)

(٥) هذا رجل فاشي معروف، وأي رأي يبدر منه «سيكون» محل ارتياب ويصب في مصلحة العدو في نهاية المطاف. (تسميم بالسب.)

الفرق، كما ترى، بين تسميم البئر وبقية ضروب الحجة الشخصية، هو أن التسميم يتم مقدَّمًا؛ أي قبل أن يأخذ الخصم فرصةً لعرض قضيته، وقد يكون له تأثير عظيم على مسار الجدل وقد يحبط المعارضة ويعيقها بدرجة كبيرة، وعلى كل من يدخل نقاشًا كهذا أن يخطو بجسارةٍ فوق الإهانة وأن يلج إلى صميم الموضوع، والحق أن تسميم البئر ليس مغالطة بالمعنى الدقيق؛ لأنه ليس حجة، إنه أشبه، بالأحرى، بشَرَك غفلةٍ منصوبٍ لكي يغري الجمهور الغافل بارتكاب مغالطة الحجة الشخصية ad hominem، وعلينا في هذا المقام، كما في غيره، أن نتذكر أن الحجة ينبغي أن تقف على أرجلها الخاصة أو تسقط بعيبها الخاص، بغض النظر عن شخص قائلها أو عيوبه.

<<  <   >  >>