للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شخصية ذاتية التنظيم لا عن أفعال قصدية، هذه الحقيقة هي شيء لا يقع لنا على نحو طبيعي غرزي، لقد استغرق الأمرُ قرونًا طويلةً من التجريب الدقيق والعمل النظري الشاق لكي تُسفِر الحقيقةُ عن وجهها، على أننا حين نُسْلِم فروضنا للنظام الصارم للعلم الطبيعي الحديث نحس باغتراب عن عملياتنا الفكرية الطبيعية … وذلك عندما نكتشف كم هي متمركزة على الإنسان نظرتُنا إلى العالم، وكم هي أنثروبومورفية هذه النظرة في حقيقة الأمر.

«يبدو أن تخلص الفكر الإنساني من الأنثروبومورفية هو شيء بعيد الاحتمال جدًّا، في المستقبل المنظور على أقل تقدير، ولا نحن راغبون في ذلك، فمثل هذا التخلص قد يكون له آثار جانبية غير مرغوبة، ليس أقلها فقدان الإبداعية والخيال، والقدرة على استبانة دببةٍ في الغاب، لقد أثبتت الأنثروبومورفية أنها موصولة ببقائنا كنوعٍ بحيث غدت، ربما، جزءًا من الكائن الإنساني يتعذر اقتلاعه، ومِن ثَمَّ فقصارى ما نأمله عندما ندرك ونخلق أشكالًا في السحاب هو أن ننمي القدرة على أن ننظر فيما وراء إدراكاتنا، أن نكتشف وجهًا، وأن نعترف بجماله، وأن نُسَلِّم بأنه لا وجود له.» (١)

[(٦) متى تصح الأنثروبومورفية؟]

لا بأس بالأنسنة عند تناول الإنسان.

هايك

في كتابه (المشترك) «النفس ودماغها» يقول كارل بوبر بمعرض حديثه عن تشبيه أفلاطون للعقل بربان سفينة الجسم: «هذه امتدادات قد تُرفَض على أنها ضروب من الأنثروبومورفيزم (الأنسنة)، ولكن لا بأس بأن يكون المرء أنثروبومورفيًّا في تناول الإنسان كما قد ذكَّرنا هايك.»

كان الفيلسوف جيامباتيستا فيكو G.Vico في كتابه «العلم الجديد» يُنكر إمكانية تطبيق نماذج العلم الطبيعي على الطبيعة الإنسانية، ويعلن أن الدراسة العلمية للطبيعة


(١) Frans de Waal. "Are we in Anthropodential? "، Discover. ١٩٩٧ - ٠٧، pp. ٥٠ - ٥٣.

<<  <   >  >>