هذا الفرق المذكور بين الذكور والإناث لا ينهض دليلًا على صدق نظرية فرويد إلا إذا تبنى التفسير الرمزي الذي يتضمن أن الفتيات يُفكرن في الاتصال الجنسي بأبيهن، أي ب «مصادرة على المطلوب»، وما من نتيجة إلا ويمكن أن تكون مؤيَّدة إذا نحن أفرغنا عليها التفسيرَ المطلوبَ تأييده.
[(٢) تفسيرات تحصيل الحاصل]
يلحق هذا أيضًا بما يُسمَّى «تفسيرات تحصيل الحاصل» tautological explanations، وهي صفة الفكر الأجوف، والعلم الأجوف الخالي من المحتوى المعلوماتي الحقيقي.
و «تحصيل الحاصل» tautology هو عبارة صادقة بالضرورة بسبب صورتها المنطقية ذاتها، مثال ذلك:«إنَّها تمطر أو لا تمطر»، وتُعَد تحصيلات الحاصل بصفة عامة خلوًّا من المعلومات، وتحصيل الحاصل ليس عيبًا وليس سُبةً حين يجول في مجاله: فالمنطق والرياضة البحتة هما من قبيل تحصيل الحاصل، بمعنى أن نتائجهما لا تأتي بجديد لم يكن قابعًا، على طريقته، في المقدمات غير أن العلوم التجريبية تريد أن تخبرنا خبرًا عن العالم المحدد الذي تصادف أننا نعيش فيه، تريد أن تقول شيئًا جديدًا لم يكن لنا به علم، ومِن ثَمَّ يتعين عليها أن تتنكَّب تفسيرات تحصيل الحاصل التي لا تحمل في جعبتها خبرًا جديدًا - لا تحمل «محتوى معلوماتيًّا» يزيدنا عِلمًا، بل تقول لنا ببساطة: إن «أ» هو «أ»(!).
ويُعَرَّف «تفسير تحصيل الحاصل» بأنه ذلك التفسير الذي يكون فيه «المفسِّر» explanans (أي القضية التي تضطلع بالتفسير) لا يقول شيئًا أكثر من «المفسَّر» Explanandum (القضية المطلوب تفسيرها)، مثال ذلك سخرية موليير المأثورة من تفسير مهنة الطب في زمنه لظاهرة نوم الناس على أثر تعاطي الأفيون بأن الأفيون يجعل الناس تنام «لأن له تأثيرًا منوِّمًا»، أي أن «الأفيون يُنَوِّم لأنه يُنوِّم!» لاحظ أن هذه العبارة ليست كاذبة بحد ذاتها («أ = أ» عبارة صائبة في حقيقة الأمر)، الخَطب أنها لا تفسر شيئًا ولا تضيف إلى علمنا شيئًا لم نكن نعلمه!
وكثير من العلم الزائف والعلم غير الناضج لا يعدو أن يكون من هذا الصنف، يقول ب. ووتون B.Wootton في كتابه «علم الاجتماع والباثولوجيا الاجتماعية»(١٩٥٩ م): «في حالة الفعل المضاد للمجتمع الذي يُقال إنه ينتج عن المرض النفسي، فإن من غير الممكن