للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويمكن تجريد الصورة المنطقية لقياس الأنالوجي كالتالي:

«أ» يشبه «ب»،

«ب» هو «ج»؛

إذن «أ» هو «ج» مثل «ب».

ويقع المرء في مغالطة «الأنالوجي الزائف» false analogy أو الضعيف عندما يَعقِد مقارنةً بين أمرين ليس بينهما وجهٌ للمقارنة، أو أمرين بينهما مجرد تشابه سطحي وليس بينهما وجه شبه يتصل بالشأن المعْنِيِّ الذي تريد الحجة أن تُثبتَه.

يتألف «الأنالوجي الزائف» من افتراض أن الأشياء المتشابهة في وجهٍ من الوجوه لا بُدَّ من أن تكون متشابهة في وجوه أخرى، وعليه فما دام شيئان، «أ» و «ب»، متماثلين في جانب من الجوانب فإنهما، إذن، متماثلان في جوانب أخرى، أو في جميع الجوانب!

[(١) أهمية الأنالوجي ومشروعيته]

من الحق أن قدرًا كبيرًا من معرفتنا يقوم على إدراك التشابه بين الأشياء؛ ومِن ثَمَّ تصنيفها في فئات، ويقوم على التعميم من أمثلةٍ محددة إلى صورٍ عامة أو مبادئ مجردة، وعلى التعلم من سابقات الوقائع من أجل تعزيز الفائدة وتجنب الضرر، وعلى تطبيق معرفتنا بشيءٍ ما في تناولنا لشيءٍ آخر مشابه. في القياس الفقهي مثلًا يُستخدم الأنالوجي استخدامًا مشروعًا ولا غنى عنه، ويُعَرَّف بأنه «إلحاق جزئي بجزئي آخر في حُكمه لمعنى مشتركٍ بينهما، مثال ذلك أن نقول: النبيذ كالخمرة فهو حرام.» (١)

وفي مجال القضاء كثيرًا ما يُستخدم القياس على سابقةٍ (أو سوابق) قضائيةٍ لوجود مماثلة مع القضية الراهنة، بل إن معنى القوانين وروحَها لا تتبلور ولا تبزغ إلا بكدح القضاة في تطبيقها على الحالات الخاصة قاضيًا تلوَ آخر، وحالةً تلو أخرى، ويكون الأنالوجي في ذلك هو قوام الفهم ومِلاك التأويل.


(١) في تعريفات الجرجاني: «القياس في اللغة عبارة عن التقدير، يُقال قِست النعل بالنعل إذا قدَّرتُه وسويته، وهو عبارة عن ردِّ الشيء إلى نظيره.» وفي الشريعة عبارة عن المعنى المستنبَط من النص لِتعَدِّيه الحكمَ من المنصوص عليه إلى غيره، وهو الجمع بين الأصل والفرع في الحكم.

<<  <   >  >>