مأخذ «الدليل»، ويتم التذرع بغياب المعلومات التي تثبت شيئًا ما كدليل على بطلان ذلك الشيء، أو المحاجة بأنه ما دام الخصم لا يستطيع أن يدحض دعوى ما فإن هذه الدعوى هي إذن حقٌّ بالضرورة.
الجهل جهل، والجهل ليس دليلًا على شيء إلا على أننا نجهل.
(١) تحقيقات مكارثي: مغالطةٌ أربَكَت أمة!
من يعتذر إنما يتهمُ نفسه.
مثل فرنسي
من أشهر الأمثلة على مغالطة ad ignoratiam تلك التحقيقات التي كان يقوم بها السيناتور جوزيف مكارثي Joseph R.McCarthy في أوائل الخمسينيات من القرن المنصرم: في سلسلة من جلسات الاستماع التليفزيونية وجَّه مكارثي تهمة الشيوعية إلى عددٍ كبير من الأشخاص الأبرياء، في مناخٍ ارتيابي يُذَكِّر بمطاردة الساحرات witch hunt في القرون الوسطى، لم تكن تلك الاتهامات قائمةً على أساسٍ ولا مستندةً إلى دليل وإن كانت بالغةَ الضرر شديدة الإيذاء، كان مكارثي يظهر في تلك الجلسات حاملًا حقيبةً منتفخةً بالملفات الخاصة بالمتهمين، غير أنه في معظم الحالات لم يكن يقدم بينةً حقيقية، وكان الشخص يُتَّهم على أساس أنه ليس في ملفات مكارثي ما يدحض ميولَه الشيوعية! عن إحدى تلك الحالات يقول مكارثي في اجتماع مجلس الشيوخ عام ١٩٥٠:«ليس لديَّ معلوماتٌ وفيرةٌ في هذا الشأن عدا ما ورد في التقرير العام للوكالة من أنه لا يوجد في الملفات ما يثبت أنه غير متصلٍ بجهاتٍ شيوعية.»(١)
كان مكارثي في هذه الحالة متورطًا في مغالطة ad ignoratiam: لقد نَقَل «عبء البرهان» burden of proof، وبدلًا من أن يبرهن على ادعائه بالدليل فإنه يؤسسه على
(١) Douglas N.Walton: "The Appeal to Ignorance، or Argumentum ad Ignoratiam. "، Argumentation، ١٩٩٩، ١٣: p. ٣٦٧.