للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُشير مصطلح «سرير بروكرست» Procrustean bed (أو «البروكرستية Procrusteanism») إلى أية نزعة إلى «فرض القوالب» على الأشياء (أو الأشخاص، أو النصوص … ) أو ليِّ الحقائق وتشويه المعطيات وتلفيق البيانات لكي تنسجم قسرًا مع مخططٍ ذهني مسبق، إنه القولبة الجبرية، والتطابق المُعْتسف، والانسجام المُبَيَّت، إنه افتئاتٌ على الواقع قَلَّما يفلت من غضبة المنطق وانتقام الحقيقة.

[(١) ألوان من البروكرستية]

إنهم يَلوون بها ويُفسدونها لكي تلائم خيالاتهم المسبقة.

فرنسيس بيكون

(الأورجانون الجديد ١: ١٧)

[(١ - ١) البروكرستية التأويلية]

وتتكلم بعبارات غامضة … تدفع السامعين إلى التأويل، فيلجئون إلى التخمين ويحورون الألفاظ لكي توافق أفكارَهم.

شكسبير، هملت

حين نفرض على النصوص توقعاتِنا وتحيزاتنا وإسقاطاتنا المسبقة، دون أن نكلِّف خاطرَنا بمراجعة هذه الإسقاطات في ضوء ما يبزغ أمامنا في فِعل القراءة، حين نُخْرِس النصَّ ونفرض عليه ما ليس فيه - فثم «البروكرستية التأويلية»، وعسى أن يعي ذلك بعض النقاد الذين يفرضون قوالبَهم على الأعمال الأدبية أو الفنية ويُلبسونها المعنى الذي يَتَلَبَّس بهم، أو المذهب الفني الذي يستحوذ على اهتمامهم، وعسى أن يفهم ذلك هواةُ «المعجزات العلمية» الذين لا يخشعون لجلال النص القرآني، ويريدون أن «يحشروا الأكبرَ في الأصغر!» وأن يُفرغوا النص من «بَلاغِه» kerygma الحقيقي ويُجنِّدوه فيما لا يقصده ولا يعنيه.

<<  <   >  >>