للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفصل التاسع عشر

مغالطة التَّشييء

Reification; hypostatization; substantialization of abstracta

رَكِبَه التشييء،

فراح يفك محركَ سيارته، بحثًا عن العشرين حصانًا

التي هي «قوة المحرك»!

***

أراد جحا أن يتزوج، فبنى دارًا تتسع له ولأهله، وطلب من النجار أن يجعل خشب السقوف على أرض الحجرات ويجعل خشب الأرض على السقوف، فراجعه النجارُ دَهِشًا، ولم يفهم ما يعنيه، قال جحا: «أما علمت يا هذا أن المرأة إذا دخلت مكانًا جعلت عاليَه سافله؟ اقلِب هذا المكان الآن يعتدل بعد الزواج.» (١)

في هذه النادرة الكوميدية «يُشَيِّئ» جحا تعبيرًا بيانيًّا رائجًا، ويُحمل استعارةً بريئةً ما لا تحتمل ويأخذها بغير ما قصدَت إليه، وفي هذه النادرة تضخيمٌ كاريكاتوري لمغالطةٍ شائعةٍ نقع فيها جميعًا، ربما كلَّ يوم، ونبتلعها جميعًا، ربما كلَّ لحظة، حين تأتي في صورةٍ أشَدَّ خفاءً، وتكتسي برداءٍ أكثرَ اعتيادًا وإلفًا.


(١) عباس محمود العقاد: جحا، الضاحك المضحِك، دار نهضة مصر، القاهرة، ١٩٩٧، ص ١٠٧.

<<  <   >  >>