الجامعة اسم كلي ينتمي لنمط منطقي أعلى من نمط المكاتب والملاعب والمكتبات والمعامل والمدرجات، الجامعة هي الطريقة التي تنتظم بها كل تلك الأشياء التي شهدها الزائر، وليست شيئًا من بينها.
(٢) وهذا طفل يشاهد عرضًا عسكريًّا لفرقة من الجيش، وبعد أن شهد الكتائب وبطاريات المدفعية وأسراب الطائرات … إلخ، إذا به يسأل:«ومتى ستظهر الفرقة؟» إن العرض لم يكن عرضًا لكتائب وبطاريات وأسراب «و» فرقة and a division، بل كان عرضًا لكتائب وبطاريات وأسراب فرقة of a division.
(٣) وهذا زائر غريب يشاهد مباراة كريكت، وبعد أن أطلعناه على الضاربين والرماة والممسكين والملعبيين … إلخ، إذا به يسأل:«ولكن مَنْ ذا الذي، بَعد، سيجَسِّد روحَ الفريق؟» لقد أخطأ الغريب خطأ مقوليًّا حين وضع نشاط «تجسيد روح الفريق» في نفس النمط أو الفئة الخاصة بالرمي والضرب والإمساك، ذلك أن تجسيد روح الفريق ليس وظيفة خاصة مثل الضرب والرمي والإمساك، وإنما هو طريقة تُؤدَّي بها هذه الوظائف الخاصة. ويقترح رايل محكًّا لكشف «الفروق المقولية» category differences، وهو أن نرى ما إذا كان استبدال تعبير مكان آخر في نفس الجملة يؤدي إلى نوع من اللامعقولية يُطلق عليه absurdity (محال، باطل، خُلف، سخف). (١)
من المعلوم أن ديكارت قال بمذهب «الثنائية» dualism ومفاده أن الإنسان مكوَّن من جوهرين متمايزين: النفس (وهي فكر)، والجسم (وهو امتداد)، وأن بين هذين الجوهرين المختلفين «تفاعلًا» interaction (متبادلًا)، لم ينجح ديكارت بعد أن أكد ثنائية الجوهر في أن يُفسر كيف يحدث هذا التفاعل الثابت والمشهود بين النفس والجسد، وقد تناول رايل هذه الثنائية الديكارتية بالنقد الشديد وأسماها عقيدة «العفريت في الآلة» the ghost in the machine، يقول رايل: «إن هذه العقيدة تؤكد على وجود
(١) من الواضح أن هذا الاختبار لا يُقدم طريقة لحسم أن تعبيرين هما من نفس المقولة، بل فقط لحسم أنهما ليسا كذلك، كما أنه يترك فكرة «الخلف» absurdity ذاتها مفتوحةً وحدسيةً صرفًا، والحق أن رايل يختتم ورقته «المقولات» بالسؤال: «ولكن ما هي اختبارات الخُلف؟» وجدير بالذكر أن فريد سومرز Fred Sommers قد طوَّر مقاربة رايل بشكلٍ أكثر صورية، انظر في ذلك «موسوعة ستانفورد للفلسفة»، مادة «المقولات» categories.