للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون هذا مثالًا لمغالطة السؤال المركب أو الملغوم، إنه شَرَكٌ أو أحبولة؛ لأنه يُضيِّق على المُجيب نطاق الخيارات إلى صنف واحد من الإجابة المباشرة، أو عدد ضئيل من احتمالات الجواب المباشر من شأنها جميعًا أن تزعزع موقفَه في الحوار.

انظر أيضًا إلى هذا السؤال المفخخ:

«متى أقلعت عن تعاطي المخدرات؟»

إنه مَصوغٌ بحيث يتضمن داخله عبارتين أخريين لم تتم البرهنة عليهما، ويسلِّم بهاتين القضيتين تسليمًا دون دليل؛ أي أنه ينطوي على «مصادرة على المطلوب» petitio principii؛ لأنه يفترض مسبقًا أجوبةً محددة عن أسئلةٍ سابقة غير مصرح بها، مثل هذا السؤال لا يمكن الرد عليه ببساطة بالإيجاب أو بالامتناع، إنه ليس سؤالًا بسيطًا بل يتركب من عدة أسئلة معبأة معًا في سؤال واحد:

(١) هل كنت تتعاطى المخدرات فيما مضى؟

(٢) وإذا كنتَ قد تعاطيتَ المخدرات فهل توقفتَ عن التعاطي؟

(٣) وإذا كنت قد توقفت عن التعاطي فمتى كان ذلك؟

لا بأس باستخدام هذه الخدعة لإظهار الحقيقة في بعض المواقف، (١) فقد دأب المحققون على أن يستخدموا هذا التكنيك لإيقاع المتهم في الاعتراف، يسأل المحقق مثلًا: «أين أخفيتَ جسم الجريمة؟» «أين خبأتَ المالَ الذي سرقتَه؟» «ما الذي دفعَكَ إلى تزوير هذه الوثيقة؟»

والرد الذكي عندما يواجَه المرءُ بهذا السؤال الملغوم هو أن يُحلل مكوناته إلى أجزاء، ثم يُجيب عن السؤال المضمر الأول أو يناقشه أو يفنده، عندئذٍ يتبدد السؤال الصريح من تلقاء نفسه.

وقد يشتمل السؤال الواحد على عبارتين متَّصلتين بحرف عطف، كما لو كانتا مرتبطتين أو كانت إحداهما تستلزم الأخرى بالضرورة، بحيث يُتوقَّع من المُجيب أن يقبلهما معًا أو يرفضهما معًا، بينما إحداهما في حقيقة الأمر مقبولةٌ لديه والأخرى مرفوضة منه!


(١) يستخدم الممارسون السيكولوجيون أحيانًا هذا التكنيك لاختراق جدار التَّحَفظ والإنكار من جانب المريض، وهو استخدام غير مأمون؛ لأنه قد يفتح ثغرة لتدفق الإيحاءات والاستيهامات و «النبوءات المحقِّقة لذاتها».

<<  <   >  >>