للأنظمة الأكثر تعقيدًا، والتي تقع على مستوى أعلى في التراتب، خصائص لا يمكن وصفُها بالحدود المستخدمة في وصف مكوناتها أو أنظمتها التحتية الواقعة على مستوًى أدنى، دون إغفال جوانب هامة من تلك الأنظمة، مثل هذه الخصائص الجديدة التي تبزغ أو «تنبثق» في التركيبات أو الأنساق الأكثر تعقيدًا تُسمَّى «الخواص الانبثاقية» emergent properties، وبتعبير أبسط: حين تجتمع بعض المكونات لتكَوِّن نظامًا (نسقًا) تبزغ لهذا النظام الأعقد صفاتٌ جديدة لا يمكن التنبؤ بها بشكلٍ كامل (في مرحلتنا الراهنة من العلم على الأقل) من خلال صفات مكوناتها. هكذا تلفتنا نظرية الأنظمة إلى حقيقةٍ ما تفتأ تواجهنا على الدوام، وهي أننا قلَّما يتسنى لنا أن نستنبط خواص مفردات أكثر تعقيدًا من خواص مكوناتها، فخواص الماء مثلًا (كالسيولة أو الميوعة والخمول والتوتر السطحي … ) هي خواص لا تُشبه من قريب أو بعيد خواص الأوكسجين أو الهيدروجين، وهكذا تتجلى لنا مزالق النزعة الردية (الاختزالية) reductionism في أوضح صورة: ذلك أن أنساق الطبيعة تنطوي على «جِدَّة» novelty حقيقية، وأن للمستوى الأعلى من مستويات الوجود صفاته الجديدة وقوانينه الخاصة التي يجب أن نتوجه إليها مباشرة ونقابلها على أرضها وندرسها بحقها الشخصي (عادل مصطفى: أنثوية العلم، مجلة سطور، القاهرة، العدد ٩٧، ديسمبر ٢٠٠٤، ص ٨٥).