للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرطية؛ ثم تقوم المقدمة الثانية بإنكار مقدم هذه العبارة الشرطية (أي إنكار الشرط) ثم تدعي الحجة أنه يترتب على ذلك إنكار التالي (أي إنكار اللازم الذي يترتب على الشرط).

وبعبارة أخرى: يقع المرء في مغالطة إنكار المقدم إذا قام في قضية شرطية بنفي المقدم واستنتج من ذلك نفي التالي، كما في المثال الآتي:

إذا كنتُ نائمًا فإن عيني تكون مغمضة،

أنا لست نائمًا؛

إذن عيني ليست مغمضة.

وصورته:

إذا «أ» إذن «ب»

لا «أ»؛

إذن لا «ب».

إن حقيقة أن عيني تكون مغلقة أثناء النوم لا تمنع احتمال أن أغلقها وأنا في تمام اليقظة، غير أن هذا النوع من الاستنباط قد يكون خادعًا جدًّا إذا كان مطمورًا في حجة أكثر تعقيدًا؛ وذلك بسبب الخلط بين معنى «إذا» ومعنى «إذا وفقط إذا»، فالحق أن الحجة السابقة تكون صائبة إذا كانت المقدمة الأولى تقرر أنني لا أغلق عيني إلا عندما أكون نائمًا.

يكثر استخدام هذه المغالطة من قِبل المحامين، إذ يدَّعون أن غياب دليلٍ معين هو برهانٌ على براءة المتهم، فإذا اختفى الشخص س، مثلًا، والذي تُشير الأدلة إلى أن المتهم قد قام بقتله، فإن المحامي قد يدفع بأنه من دون جثة فليس بالإمكان إثبات القتل:

إذا عُثِر على جثة «س» فقد يكون موكِّلي قد قتله،

لم يُعثر على جثة «س»؛

إذن موكِّلي لا يمكن أن يكون قد قتل «س».

وهي كما ترى مغالطة، يعبر عنها بالمبدأ المأثور «غياب الدليل ليس دليلًا»، وإن تكن المغالطة أعقد من ذلك.

<<  <   >  >>