للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد، فحين يحاج المرءُ بأن دعواه صائبة لا لشيءٍ إلا لأن الأصل اللغوي نفسه للكلمة يفيد ذلك، فإنه يقع في ضربٍ من الاستدلال الدائري، وفضلًا عن ذلك فإن افتراض أن الكلمات يجب أن تبقى لصيقةً بمعناها التاريخي الأول هو افتراض ينطوي على إغفالٍ عبثي للطبيعة الاصطلاحية للغة وتقييد لا مبرر له لنموها وتطورها.

إن اللغة لفي سيرورةٍ دائمةٍ وتحوُّلٍ دائب، وهناك ألف سببٍ يُلح على الألفاظ أن تخرج من جلدها وتكتسي معانيَ جديدة غير ذات صلة بمعناها القديم، وما دامت اللغة في تغير مستمر فمن الطبيعي أن تواكبها في ذلك علوم اللغة المنوط بها رصد الظاهرة اللغوية وضبط حركتها، وأن يكون نهج العلوم توترًا محسوبًا بين «المعيارية» و «الوصفية»: معيارية تصون اللغة من التحلل والانهيار، ووصفية تفتح لها آفاقًا للتطور والارتقاء.

<<  <   >  >>