عارٌ أن نظل يقودنا أطفالٌ سذجٌ قليلو العلم والتجارب، يُقال لهم الأجداد!
لا معنى للتمسك ببناءٍ فوقي بعد أن انفصم عن بنائه التحتي الذي أفرَزَه.
فليكن النقدُ بالنسبة لنا هو العادة والتقليد والعُرف.
***
يُعد الاحتكام إلى القِدم، أو إلى التقاليد، نوعًا من «الاحتكام إلى سلطة» ad verecundiam، وهي هنا سلطة العُرف أو التقاليد الجمعية، والحق أن هناك فرقًا دقيقًا بين الاحتكام إلى القِدم والاحتكام إلى التقاليد، وما جَمَعنا بينهما إلا توخيًا للتبسيط.
ف «الاحتكام إلى القِدم» appeal to antiquity يجعل من عُمر الفكرة معيارًا لصوابها، ومن مجرد قِدَمها دليلًا على صحتها، وصورته:
س قديم؛
إذن «س» صائب.
أما الاحتكام إلى التقاليد الثقافية الراسخة، وصورته:
س تقليدي؛
إذن «س» صائب.
فإنه يضيف شيئًا ما إلى قِدم الفكرة؛ فالتقليد أو العُرف ليس مجرد شيء قديم، إنه شيءٌ «مجرَّب»، شيءٌ اختبره الأقدمون وأثبت نجاعةً، فتَبَنَّته الأجيال اللاحقة جيلًا بعد جيل، وترسَّخ في وعيها (أو في لا وعيها) بوصفه حقًّا بذاته ولذاته وفي غِنًى عن مزيدٍ من الاختبار والنقد. لقد تَكَفَّل السلف بالاختبار وأَعفَى الخلف من مئونته، وها هم يتَّبعون آباءهم ولا يعرفون - ولا يلزمهم أن يعرفوا - لماذا يفعلون ذلك، إن من الأسلم والأضمن والآمن لك أن تأخذ بما هو مجرَّب ومألوفٌ ومعروف.