«الرسالة»، إن ما يحدد قيمة صدق عبارة، وما يحدد صوابَ حُجة، هو في عامة الأحوال أمرٌ لا علاقة له بقائل العبارة أو الحجة من حيث شخصيته ودوافعه وسيكولوجيته، فعبارة «٢ + ٢ = ٤» هي عبارة صحيحة سواء كان قائلها عدوًّا أو مغرضًا أو معتوهًا أو كافرًا، وإن ما يحدد قيمة الصدق في عبارة «السماء تمطر» هو، ببساطة، الطقس المحلي، وهو شيء قائم «هناك» ومستقل تمامًا عن شخص القائل.
وأنتَ تقع في هذه المغالطة حين تقوم في معرِض الجدل بمهاجمة شخص الخصم بدلًا من مهاجمة حجته، فيبدو، بالتداعي association، كأن حجته قد دُمِغَت، مثله، وأصيبت، والحق أنك قد تسدد سهام النقد إلى شخص خصمك (بواعثه ودوافعه، صدقه وإخلاصه، أهوائه وأغراضه، ذكائه وفهمه … ) فتُدميه وتُصْمِيه وحجته بعدُ حيةٌ تُرزَق! فهي من حيث هي حجة تبقى سالمة لم يمسسها سوء، وإن حامت حولها الشكوكُ لحظةً واكتنفتها الرِّيَب، (١) انظر إلى المثال التالي:
«أنتم تعرفون جميعًا أن النائب «س» كذاب غشاش وغير موثوق بذمته المالية ومستفيد أول بخفض الضرائب، فكيف توافقون على مشروعه الضريبي المطروح؟»
قد يكون النائب «س» كذابًا حقًّا ومغرضًا ولديه مصلحة مكتسبة في المشروع الضريبي المطروح للمناقشة، غير أن هذا لا يمس المشروع من حيث هو مشروع، وما هكذا ينبغي أن تناقَش المشروعات، إنما يَجْمل أن نتجه إلى المشروع مباشرة ونُبين ما له وما عليه، لا أن ننصرف إلى شخص القائل بالطعن والتجريح، ونحوِّل مناقشة المشروع من تحليل اقتصادي إلى تحليل سيكولوجي، ونحول منصةَ المجلس من منبرٍ للرأي إلى مسلخٍ للبشر.
هناك أربعة أنواع من مغالطة الحجة الشخصية:
(١) القَدح الشخصي (السب) ad hominem-abusive.
(٢) التعريض ب «الظروف الشخصية» ad hominem-circumstantial.
(٣) مغالطة «أنت أيضًا»(تفعل هذا) tu quoque.
(٤) تسميم البئر poisoning the well.
(١) من الطريف أن هذه المغالطة تنطبق أيضًا في الحالة العكسية، وإن يكن ذلك أقل ورودًا: أي حين تريد أن تؤازر حجة الشخص وتدعمها عن طريق مدحه وإطرائه.