للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن غربّى هذه التربة قبر «ميمونة» المذكورة، ثم تجىء إلى قبر الفضل ابن بحر التاجر، كان له صدقة ومعروف.

حكى عنه قال: بينما أنا أسير فى الجبل المقطم رأيت شابّا عليه أثر العبادة ودموعه تتحدّر على خدوده، فسلّمت عليه وقلت: من أنت؟ قال: عبد أبق من مولاه. فقلت له: يعود ويتعذّر، فقال: العود يحتاج إلى إقامة حجّة، ولا حجّة للمفرط، فقلت له: هل لك فيمن يشفع لك عند مولاك؟ فقال:

مولاى ربّانى صغيرا فعصيته كبيرا، ثم صاح صيحة عظيمة وقع منها ميتا، فخرجت لى عجوز من مغارة وقالت: من ذا الذي أعان على قتل هذا البائس الحيران؟ ثم بكت، فقلت لها: هل لك فى المعاونة على دفنه؟ فقالت: دعه دليلا بين يدى مولاه، فعسى أن يراه بعين عفوه فيرحمه، فولّيت عنها وانصرفت فسمعتها تنشد وتقول:

لا عدت أركب ما قد كنت أركبه ... جهدى فخذ بيدى يا خير من رحما

هذا مقام ظلوم خائف وجل ... لم يظلم النّاس إلّا نفسه ظلما

فاصفح بفضلك عمّا جاء معترفا ... بزلّة سبقت منه وقد ندما

مالى سواك ولا علم ولا عمل ... فامنن بعفوك يا من عفوه عظما

*** وبهذه الحومة قبر زينب بنت الأباجلى، كان على قبرها قبّة حسنة. حكى عنها أنه كان بجوارها رجل، وكان مسرفا «١» على نفسه، مدمنا للخمر، وكان يؤذيها فى الليل من كثرة «عياطه» «٢» ، فلما مات سألت الله تعالى أن تراه