للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وينتقد صاحب كتاب انزعوا قناع بولس: هذا النص قائلًا:

إن نسبة الحزن والتأسف إلى الله تعالى؛ لأن شر الإنسان قد كثر هو قول جاهل مخرف لا يعرف الله؛ لأنه يصفه بالجهل في عدم معرفته لما سيكون عليه حال الإنسان بعد خلقه، وهذا في حق الله تعالى محال وهو من الكفر المحض ولذا جاء القرآن الكريم مدويًا بأن الله خلق الإنسان والكون بعد أن قدر كل شىء أزلًا فقال تعالى:

{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٥٩)} (١) (٢).

ويعلق د/ بدران على هذه القضية خلق الله للإنسان وندمه عليها بقوله:

بعد ما ندم إله إسرائيل على خلقه للإنسان عاد وندم من جديد لأنه فكر مثل هذا التفكير لأنه ظهر له أن الإنسان طيب وليس شريرًا، ندم الرب لأن نوحًا ذبح له الذبائح وحرقها وصعدت رائحة الشواء للسماء فتنسمها الرب وفي هذا يقول سفر التكوين:

"وبني نوح مذبحًا للرب وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح فتنسم الرب رائحة الرضا وقال الرب في قلبه لا أعود ألعن الأرض أيضًا من أجل الإنسان" (٣).

ثم ينتقد هذا النص متعجبا مما تقول التوراة:

هكذا صورك كتبة التوراة يا إله إسرائيل تندم لأنك خلقت الإنسان ثم تعود فتندم لأنك ندمت أنك خلقت الإنسان، صوروك بصورة الإله المرتشي لمجرد أن نوحًا أحرق لك بعض البهائم والطيور وصعدت رائحة الشواء لك في السماء .. ندمت .. لأنك عرفت أن الإنسان طيب وليس شريرًا كما تصورت وظهر ندمك في أنك جعلت الأرض خصبة له طول العام ونوعت الجو خلقت البرد والحر والصيف والشتاء فعل كل هذا من أجل رائحة الشواء إلى تنسمها .. ألهذا السبب يكثر الإسرائيليون من حرق الذبائح (٤).


(١) سورة الأنعام الآية: (٥٩)
(٢) أ/ أحمد زكى ص ١٤.
(٣) تكوين: (٨/ ٢٠ - ٢٢) بدون. وانظر: التوراة د/ بدران ص ٤٦.
(٤) المرجع السابق نفس الصفحة

<<  <   >  >>