للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتقول الباحثة سميرة عبد الله بعد أن استدلت بالنصوص السابقة:

(وهذا كله يتنافى مع التقدير الحكيم لما يشاء ويتعارض مع العلم السابق لأفعاله وإرادته لما يريد ويقدح في ربوبيته إذ كيف يكون ربا من كان جاهلاً والله عَزَّ وَجَلَّ يقرر أنه العليم الحكيم فيقول تعالى: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (١) (٢).

ويرى الدكتور/ عبد الوهاب المسيرى. من خلال تحليله لنصوص التوراة أن التصور اليهودى للإله تصور مردود لايقبلهُ عقلٌ ولادين لأنهُ تصورٌ خاطئى ينافى جلال الربوبية والألوهية على حد سواء.

وبعد أن استدل بنص من سفر الخروج: يقول "فالآن اتركني ليحمى غصبى عليهم وأُفنيهم" (٣) قال:

إن العهد القديم يطرح رؤىً متناقضة للإله تتضمن درجات مختلفة من الحلول بعضها أبعد ما يكون عن التوحيد، وتتبدى الحلولية في الإشارات العديدة إلى الإله التي تصفه ككائن يتصف بصفات البشر فهو يأكل ويشرب ويتعب ويستريح ويضحك ويبكى غضوب متعطش للدماء يحب وببغض متقلب الأطوار يلحق العذاب بكل من ارتكب ذنبًا سواء ارتكبه عن قصد أو غير قصد ويأخذ الأبناء والأحفاد بذنوب الآباء بل يحس بالندم ووخز الضمير (٤).

وعلى ضوء ما سبق فإن ما نسبه اليهود للرب من الندم والجهل وغير ذلك يقدح في مقام الربوبية، ويتنافى مع خصائصها المشار إليها في تعريفها في بداية المبحث، كما يدل على بدائية تلك العقول التي تفكر بهذه الطريقة وتصور الخالق سبحانه هذه الصور البشرية المحضة.

ومن خلال تلك الرؤى النقدية المتنوعة لعلماء المسلمين حول نظرة العهد القديم للربوبية يتضح ما يلي:

١ - اجتهاد علماء المسلمين في بيان التناقض والتعارض بين نصوص العهد القديم في هذه الخاصية.

٢ - التزامهم بالموضوعية التامة في مناقشتهم لتوحيد الربوبية.

٣ - والاعتقاد الصحيح في هذا الجانب من جوانب التوحيد، أن يعتقد الإنسان بأن الله عز وجل هو الفاعل الحقيقي لكل شيء في هذا الوجود، فهو سبحانه الخالق الرازق المحيى المميت الذي بيده القدرة على النفع والضر إلى غير ذلك من أفعال، والخروج على هذا الاعتقاد انحراف وشرك نهى الله عَزَّ وَجَلَّ عنه في كثير من الآيات منها قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (٥)، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (٦)


(١) سورة يوسف جزء من الآية: (١٠٠).
(٢) جهود الإمامين ابن تيميه وابن القيم ص ٩٣ - ٩٤.
(٣) خروج: (٣٢/ ١٠ - ١٣) العجل الذهبى.
(٤) موسوعة اليهود واليهودية: د/ المسيرى ٥/ ٦٥ بتصرف.
(٥) سورة البينة، الآية: (٥).
(٦) سورة النحل، الآية: (٣٦).

<<  <   >  >>