للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقول العلامة الهندي بعد أن استدل بالنص السابق من مرقس: (١٢/ ٢٨ - ٣٤) وفي الإصحاح الثاني والعشرين من إنجيل متى في قوله: بعد بيان الحكمين المذكورين هكذا: "بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس والأنبياء" فعلم أن أول الوصايا الذي هو مصرح به في التوراة وفي جميع أسفار الأنبياء وهو الحق وهو سبب قرب الملكوت، أن يعتقد الناس أن الله واحد ولا إله غيره ولو كان اعتقاد التثليث مدار النجاة لكان مبينًا في التوراة وجميع أسفار الأنبياء لأنه أول الوصايا ولقال عيسى -عليه السلام-: أول الوصايا: الرب واحد ذو أقانيم ثلاثة ممتازة بامتياز حقيقى، لكنه لم يبين في سفر من أسفار الأنبياء صراحة ولم يقل عيسى -عليه السلام- هكذا فلم يكن مدار النجاة، فثبت أن مدارها هو اعتقاد التوحيد الحقيقي لا اعتقاد التثليث، وهوسات التثليثيين باستنباطه من بعض آيات أسفار الأنبياء لا يتم على المخالف لأنّ هذا الاستنباط خفى جدًا مردود بمقابلة النص) (١).

وملخص ما ارتآه العلامة الهندي حول إبطال التثليث بهذا الدليل السابق ومن خلال تحليله له يتضح لدي الباحث ما يلي:

أ- عدم ورود التثليث في التوراة لا صراحة ولا ضمنًا.

ب- خلو أسفار الأنبياء أيضًا من هذه العقيدة التثليثية.

ج- لم يصرح به عيسى -عليه السلام- على فرض صحة الأناجيل ونسبتها إليه- لم يصرح بالتثليث أو بما يدلّ عليه من قريب أو بعيد.

د- ورود ما يدلّ صراحة على التوحيد الحقيقي في التوراة والإنجيل.

٣ - ما جاء في إنجيل مرقس: "وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب" مرقس (١٣/ ٣٢).

وقد حلل العلامة الهندي هذا النص ووافقه في رؤيته التحليلية العلامة الألوسي ود/ السقا كذلك فيقول: (هذا القول ينادي على بطلان التثليث لأنّ المسيح -عليه السلام- خصص علم القيامة بالله ونفى عن نفسه كما نفي عن عباد الله الآخرين وسوى بينه وبينهم في هذا، ولا يمكن هذا في صورة كونه إلهًا سيما إذا لاحظنا أن الكلمة وأقنوم الابن عبارتان عن علم الله وفرضنا اتحادهما بالمسيح وأخذنا هذا الاتحاد على مذهب القائلين بالحلول أو على مذهب اليعقوبية القائلين بالانقلاب فإنه يقتضى أن يكون الأمر بالعكس ولا أقل من أن يعلم الابن كما يعلم الآب ولما لم يكن العلم من صفات الجسد فلا يجرى عليه في عذرهم المشهور أنه نفى عن نفسه باعتبار جسميته فظهر أنه ليس إلهًا لا باعتبار الجسمية ولا باعتبار غيرها) (٢).


(١) إظهار الحق: ٢/ ٣٤٤.
(٢) المرجع السابق: ٢/ ٣٤٥، انظر: الجواب الفسيح: ١/ ١٩٧، ١٩٨.

<<  <   >  >>