للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحول هذا النص الذي يثبت بشرية المسيح -عليه السلام- ويبطل ما زعمه النصارى عن التثليث يقول الشيخ عبد الله الترجمان بعد أن استدل بالنص السابق (مرقس ١٣/ ٣٢) هذا إقرار من عيسى -عليه السلام- بأنّه ناقص علم حتى عن الملائكة وأن الله تعالى هو المنفرد بعلم الساعة وقيامتها، وأن عيسى -عليه السلام- لا يعلم إلا ما علمه الله تعالى (١).

وغير ذلك من الأدلة التي ذكروها وتدل دلالة واضحة على التوحيد الحقيقى ونفي التثليث وأنه ممتنع ومستحيل في ذات الله سبحانه وتعالى (٢).

والإمام ابن تيميه في محاوراته العقلية التي يبطل بها دعوى التثليث يرد على النصارى فيقول: إنهم يجمعون بين النقيضين عندما يقولون نحن نلعن من قال إنه الأب والأب هو الخالق ونلعن من قال هو الأب الخالق ومن قال ليس هو الخالق فيقول لهم إنكم بذلك تجمعون بين النقيضين: فتلعنون من جرد التوحيد بلا شرك ولا تثليث ومن أثبت التثليث مع انفصال كل واحد عن الآخر؛ وتجمعون بذلك بين متناقضين أحدهما حق والآخر باطل وكل قول يتضمن جمع النقيضين (إثبات الشيء ونفيه) أو رفع النقيضين (الإثبات والنفي) فهو باطل (٣).

ومن مظاهر تناقضهم أيضًا: "زعمهم أن كلمة (الله) التي يفسرونها بعلمه أو حكمته وروح القدس التي يفسرونها بحياته وقدرته هي صفة له قديمة أزلية لم يزل ولا يزال موصوفًا بها ويقولون مع ذلك: إن الكلمة هى مولودة منه فيجعلون علمه القديم الأزلي متولدًا عنه، ولا يجعلون حياته القديمة الأزلية متولدة عنه، وقد أصابوا في أنهم لم يجعلوا حياته متولدة عنه لكن ظهر بذلك بعض مناقضاتهم وضلالهم بأنّه أنواع كثيرة فإنه إن كانت صفة الموصوف القديمة اللازمة لذاته يقال: إنها ابنه وولده ومتولد عنه، ونحو ذلك فتكون حياته أيضًا ابنه وولده ومتولدًا عنه وإن لم يكن كذلك فلا يكون علمه ابنه ولا ولده ولا متولدًا عنه ... فعلم أن القوم في غاية التناقض في المعاني والألفاظ وأنهم مخالفون للكتب الإلهية كلها ولما فطر الله عليه عباده من المعقولات التي يسمونها نواميس عقلية ومخالفون لجميع لغات الآدميين وهذا مما يظهر به فساد تمثيلهم" (٤).


(١) تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب: أ/ عبد الله الترجمان الأندلسي، ص ٨٤.
(٢) لمزيد من التفصيل انظر: إظهار الحق: ٢/ ٣٤٥ - ٣٥٠، الجواب الفسيح: ١/ ١٩٨ - ٢٠٠ وانظر: تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب: ص ٨٤ - ٨٨، وأقانيم النصارى ص ٧٨ - ٨١.
(٣) الجواب الصحيح: ٣/ ١٧٧، ١٧٨، بتصرف ٣/ ١٨٨ - ١٨٩ باختصار.
(٤) المرجع السابق: ٣/ ١٦٢ - ١٩٣ بتصرف.

<<  <   >  >>