للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب بعض النقاد إلى أن عزرا هو الذي كتب التوراة الحقيقية في مدينة بابل بمساعدة بعض العلماء فجمع فيها مأثورات من تواريخ قديمة ووضع توراة موسى بين هذه المأثورات وزاد فيها ونقص ولما صدر لهم أمر من ملك فارس بالرجوع إلى القدس (أورشليم) تعجلوا الرجوع بهذه التوراة وما كانوا قد نقحوها وأزالوا اختلافاتها (١).

وذهب البعض الآخر إلى:

أن التوراة الحالية ليست هي المترلة على سيدنا موسى عليه السلام وليست هى التى كتبها عزرا، وذلك لأنه لو فرض أن عزرا كتب التوراة الحالية فإن ما كتبه قد أحرق في حادثة أنطيوكس (٢) فقد اتفق أهل العلم على أن نسخة التوراة الأصلية وكذا نسخ العهد العتيق ضاعت من أيدي عسكر بختنصر، ولما ظهرت نقولها الصحيحة على عزرا ضاعت تلك النقول أيضًا في هذه الحادثة (٣).

وقد استدل العلامة / رحمة الله الهندي على هذه الحادثة بما ورد فى التوراة: "لما فتح أنطيوكس ملك ملوك الفرنج أورشليم أحرق جميع نسخ كتب العهد العتيق التي حصلت له من أى مكان بعد ما قطعها وأمر أن من يوجد عنده نسخة من نسخ العهد العتيق أو يؤدى رسم الشريعة يقتل، وكان تحقيق هذا الأمر فى كل شهر وكان يقتل كل من يجد عنده نسخة أو ثبت أنه أدى رسما من رسوم الشريعة وتعدم تلك النسخة (٤).

والباحث يميل إلى هذا الرأي لأن الأحداث التاريخية تؤكده وأيضًا العقل والمنطق يؤكدان أن ما حدث لليهود من تشريد وما حدث لبيت الرب من تدمير بما فيه من التابوت ومحتوياته دليل قوى على صحة هذا الرأي.


(١) انظر. تعليق د/ السقا على إظهار الحق، ١/ ٨٥ هامش، الميزان في تفسير القرآن: ٣/ ٣١٠، والفارق بين المخلوق والخالق: البغدادي، ص ١٠، هداية الحيارى لابن قيم الجوزية: ص ٢٠٧ - ٢٠٨، ط / المكتبة القيمة، ط / ٢، ١٣٩٩ هـ، وشبهات النصارى وحجج الإسلام: أ/ محمد رشيد رضا، ص ٤٢، طبعة دار المنار، ط ٢/ ١٣٦٧ هـ، الكتب المقدسة بين الصحة والتحريف: د/يحيي ربيع، ص ٨٦.
(٢) هو: أنطيوكس الرابع "إبيفانس من ٢١٥ - ١٦٣ ق. م" أراد أن يختبر ولاء فلسطين له لتكون حاجزا بينه وبين الرومان فأرسل قائده على رأس ٢٢٠٠٠ من الجنود إلى أورشليم تحت ستار السلام، وهاجموها في يوم السبت، علمًا بأن اليهود لا يحاربون في يوم السبت، وقتلوا أناسا كثيرين وأخذوا النساء والأطفال عبيدا لهم، كما نهبوا المدينة واحرقوها، وفي عام ١٦٧ق. م، عزم أنطيوكس على محو الديانة اليهودية؛ لتحريم ممارسة نواميس آبائهم، ومنع حفظ السبت والأعياد والذبائح المألوفة وختان الأطفال، وأحرق نسخ التوراة، وكل من يعصى هذه الأوامر يعدم (ينظر دائرة المعارف الكتابية: أ / ويليام وهبه بباى، ١/ ٤٩٨، ط / دار الثقافة القاهرة، ١٩٩٦م).
(٣) انظر: إظهار الحق، ٢/ ٢٨٤، ودراسات في التوراة: للشيخ / عطية إبراهيم الشوادفي، ص ٧٧.
(٤) المكابيين الأول: (١/ ٥٩ - ٦٠) نقلا عن هامش إظهار الحق: تحقيق د/ أحمد حجازي السقا،٢/ ٢٨٤.

<<  <   >  >>