للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم اختفت التوراة الأصلية التي كانت بجانب التابوت عندما أحرق بيت الرب في عهد نبوخذ نصر (١) ملك بابل "جاء نبوزرادان (٢) رئيس الشرط عبد ملك بابل إلى أورشليم وأحرق بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت أورشليم وكل بيوت العظماء أحرقها بالنار وجميع أسوار أورشليم مستديرًا هدمها (٣) " (٤).

وفي ختام هذه الجولة التاريخية النقدية يقرر العلامة رحمة الله الهندي بالأدلة الدامغة فقدان التوراة الأصلية وإن كان عزرا هو الكاتب الحقيقي للتوراة الحالية كما يقول بعض النقاد فإن العلامة رحمة الله الهندي يقول غير ذلك (أي أنه لم يكتبها) ولا هى التوراة التي صنفها موسى علية السلام بناءً على أدلة ساقها تؤيد رأيه في هذا الأمر فيقول جمهور أهل الكتاب يقولون:

إن السفر الأول والثانى من أخبار الأيام صنفهما عزرا بإعانة حجى وزكريا عليهما السلام وهذان السفران في الحقيقة من تصنيف هؤلاء الأنبياء الثلاثة وتناقض كلامهم في الإصحاح السابع والثامن من السفر الأول في بيان أولاد بنيامين، وكذا خالفوا في هذا البيان هذه التوراة المشهورة بوجهين: الأول: فى الأسماء، والثاني: في العدد حيث يفهم من الإصحاح السابع أن أبناء بنيامين ثلاثة ومن الإصحاح الثامن أنهم خمسة ومن التوراة أنهم عشرة، واتفق علماء أهل الكتاب أن ما وقع في السفر الأول غلط وبينوا سبب وقوع الغلط: أن عزرا ما حصل له التمييز بين الأبناء وأبناء الأبناء وأن أوراق النسب التى نقل عنها كانت ناقصة، وهؤلاء الأنبياء الثلاثة كما هو معروف كانوا متبعين التوراة فلو كانت توراة موسى هى هذه التوراة المشهورة لما خالفوها ولما وقعوا في الغلط، ولما أمكن لعزرا أن يترك التوراة ويعتمد على الأوراق الناقصة وكذا لو كانت التوراة التي كتبها عزرا مرة أخرى بالإلهام على زعمهم هى هذه التوراة المشهورة لما خالفها فعلم أن التوراة المشهورة ليست التوراة التى صنفها موسى ولا التى كتبها عزرا بل الحق أنها مجموع من الروايات والقصص المشتهرة بين اليهود وجمعها أحبارهم في هذا المجموع بلا نقد للروايات (٥).


(١) هو: ابن نبو بلاسر وخليفته في الجلوس على عرش مدينه بابل حكم الإمبراطورية البابلية في ما بين النهرين وسوريا استولى على سوريا وفلسطين وجاء إلى القدس وسبى بعض سكانها ومن بينهم دانيال (قاموس الكتاب المقدس ٩٥٤).
(٢) هو: قائد جيش نبوخذ نصر الذي حاصر القدس واستولى عليها وسبي عددا من سكانها (قاموس الكتاب المقدس ٩٥٥).
(٣) الملوك الثاني: (٢٥/ ٨ - ٩) سقوط أورشليم.
(٤) انظر: نقد التوراة د / السقا ٨٦/ ٨٩ باختصار بالحذف، واليهود واليهودية عقيدة وتاريخًا د/ عبد السلام محمد عبدة ص ١٥٩ - ١٦٠ ط مطبعة لطفي ١٩٧٨م-١٩٧٩م.
(٥) إظهار الحق: ١/ ٨٤، ٨٥.

<<  <   >  >>