للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فالجواب: أنّ التقييد بها في حديث المعراج دالٌّ على أنّها كانت معلومةً عندهم، بحيث يُضرَب بها المثل في الكِبر، كما أنّ التّقييد إذا أُطلق إنما ينصرف إلى التّقييد المعهود.

وقال الأزهري: القِلال مختلفة في قُرى العرب، وقلالُ هَجَر أكبرها.

وقال الخطّابي (١): قلالُ هَجَر مشهورة الصَّنْعة، معلومةُ المقدار.

والقُلّة لفظ مشترك، وبعد صرفها إلى أحد معلوماتها وهي الأواني تبقى متردِّدة بين الكبار والصّغار، والدليل على أنها من الكبار جعل الشّارع الحدّ [مقدَّرًا] (٢) بعدد، فدل على أنَّه أشار إلى أكبرها؛ لأنّه لا فائدة في تقديره بقلّتين صغيرتين مع القدرة على تقديره بواحدةٍ كبيرة. والله أعلم.

وقد تَبَيَّن بهذا محصَّلُ البحث الرّابع.

والبحث الخامس: في ثبوت كون القلة تزيد على قربتين.

وقد طعن في ذلك ابن المنذر من الشّافعية، وإسماعيل القاضي من المالكية بما محصّله أنّه أمر مبني على ظنّ بعض الرُّواة، والظنّ ليس بواجب قبولُه، ولا سيّما من مثل محمّد بن يحيى المجهول؛ ولهذا لم يتفق السَّلف وفقهاء الأمصار على الأخذ بذلك التّحديد فقال بعضهم: القلّة تقع على الكوز والجرّة كبرت أو صغرت. وقيل: القُلَّة مأخوذة من استقلّ فلان بحمله وأقلّه إذا أطاقه وحمله، وإنما سُمّيت الكيزان قلالًا؛ لأنّها تقل بالأيدي.

وقيل: مأخوذة من قلّة الجبل وهي أعلاه.


(١) معالم السنن (١/ ٥٧).
(٢) في "الأصل" "ج": (مقدارا) والمثبت من "م" و"ب".