للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاستدراك سبيل من سبل تبيين العلم، فهو داخل فيه على سبيل التضمن (١)، لأن تصحيح الخطأ نوع من بيان العلم، ورفع الإشكال نوع من بيان العلم، وقُلْ مثل ذلك في باقي أغراض الاستدراك (٢).

وأما كونه من التقوى، فلأن العالِم بتراجعه عن بيان الحق واقعٌ فيما نهى الله عنه (٣)، لأن أمْرَه بالتبيين يقتضي نهيَه عن نقيضه (٤)، وهو عدم التبيين، مشيًا على القاعدة المقررة في علم الأصول (٥).

الوجه الرابع: تقرير أن الاستدراك الفقهي من التعاون.

فالأمر بالتعاون على البر والتقوى يقتضي تلاقي الجهود في العمل الصالح، والاستدراك الفقهي هو من هذا التعاون؛ لأن الإنسان لا يسلم من خلل؛ فيسده عنه أخوه، فيكون بحاجة إلى جُهد إضافي لإخراج العمل بيِّنًا مُقَوَّمًا نافعًا، وكذا الحال في الأعمال الفقهية.


(١) دلالة التضمن هي: فهم السامع من كلام المتكلم جزء المسمى. [شرح تنقيح الفصول، (٢٢). ويُنظر: المستصفى من علم الأصول، محمد بن محمد بن محمد الغزالي، (١/ ٤٨). و: الإحكام في أصول الأحكام، الآمدي، (١/ ١٤)].
(٢) وخُصص لها الفصل السادس من هذا الباب بعنوان: أغراض الاستدراك الفقهي، وتطبيقاتها.
(٣) والمقصود عند توفر شروط ذلك وانتفاء الموانع.
(٤) النقيضان: هما اللذان لا يجتمعان ولا يرتفعان كوجود زيد وعدمه. [شرح مختصر الروضة، سليمان بن عبد القوي الطوفي، (٢/ ٣٨٣). ويُنظر: معيار العلم في فن المنطق، (٨٠). و: شرح القويسي على متن السلم مع تقريرات الدوري، (٢٧)].
(٥) يُنظر: المحصول، (١/ ٢٤٦). و: نهاية السول للإسنوي مع حاشيته سلم الوصول للمطيعي، (٢/ ٣٠٥). و: شرح الكوكب المنير، (٣/ ٥١).

<<  <   >  >>