للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحليل الاستدراك:

أخطأ عدي - رضي الله عنه - في فهم النص الدال على الحكم الفقهي، مما أدى إلى استنباط وتطبيق خاطئين للحكم الفقهي.

حيث حمل لفظَ {الْخَيْطِ} في الآية على حقيقته اللغوية؛ لأنها المتبادرة إلى الذهن، كما تبادر نفس هذا الفهم إلى بعض الصحابة - قبله - عندما نزلت الآية قبل نزول {مِنَ الْفَجْرِ} (١)،

وأما عدي - رضي الله عنه - فإنه حمل {مِنَ الْفَجْرِ} على السببية، يعني «من أجل الفجر» (٢)، فيكون سبب تبيُّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود - على فهمه - هو طلوع ضوء الفجر، ولم يكن معروفًا في لغته إطلاق الخيط الأبيض والخيط الأسود على بياض النهار وسواد الليل، أو أنه نسي {مِنَ الْفَجْرِ}، فلم يعمل بمدلولها (٣).


(١) وهي قصة غير قصة عدي - رضي الله عنه -، كما رجح ذلك ابن حجر وهي القصة التي رواها سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: «أُنْزِلَتْ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} وَلَمْ يَنْزِلْ {مِنَ الْفَجْرِ} فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الْأَسْوَدَ وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ {مِنَ الْفَجْرِ} فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» [يُنظر ترجيح ابن حجر في: فتح الباري، (٦/ ١٦٣). وحديث سهل في: صحيح البخاري، (٣/ ٢٨)، ك الصوم، ب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧]، رقم (١٩١٧). وبنحوه عند مسلم في: صحيحه، (٤٨٦)، ك الصيام، ب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر وأن له الأكل وغيره حتى يطلع الفجر وبيان صفة الفجر الذي تتعلق به الأحكام من الدخول في الصوم ودخول وقت صلاة الصبح وغير ذلك، رقم (٣٤ - ١٠٩١، ٣٥ - ١٠٩١)] ..
(٢) المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم، أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي، (٣/ ١٤٧)
(٣) يُنظر: فتح الباري، (٦/ ١٦٣).

<<  <   >  >>