للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النموذج التاسع:

قال التاج السبكي: «وسماعي من الشيخ الإمام الوالد - رحمه الله - أن الذي صح عنده عن داود (١)

أنه لا ينكر القياس الجلي، وإن نقل إنكاره عنه ناقلون. قال: وإنما ينكر الخفي فقط (٢).

قال: ومنكر القياس مطلقًا جليه وخفيه طائفةٌ من أصحابه زعيمهم ابن حزم (٣)» (٤).


(١) هو: أبو سليمان، داود بن علي بن خلف، البغدادي الأصبهاني، مولى أمير المؤمنين المهدي، رئيس أهل الظاهر، الحافظ، العلامة. أخذ العلم عن إسحاق وأبى ثور وكان زاهدا متقلّلًا، له في فضائل الشافعي مصنفات، ومن مصنفاته: الإجماع، إبطال القياس، إبطال التقليد، الذب عن السنة والأخبار. توفي سنة ٢٧٠ هـ.

[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (١٣/ ٩٧). و: طبقات الشافعية الكبرى، (٢/ ٢٨٤)
(٢) يشرح مقصودَ السبكي قولُ ابن عبد البر، حيث قال في القياس الذي يقول به داود: «وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ، فَإِنَّهُمْ أَثْبَتُوا الدَّلِيلَ وَالِاسْتِدْلَالَ فِي الْأَحْكَامِ، وَأَوْجَبُوا الْحُكْمَ بِخَبَرِ الْآحَادِ الْعُدُولِ كَقَوْلِ سَائِرِ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجُمْلَةِ، وَالدَّلِيلُ عِنْدَ دَاوُدَ وَمَنْ اتّبَعَهُ نَحْوُ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] لَوْ قَالَ قَائِلٌ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى رَدِّ شَهَادَةِ الْفُسَّاقِ كَانَ مُسْتَدِلًّا مُصِيبًا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] وَكَانَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْعَدْلِ، ... وَمِثْلُ هَذَا النَّحْوِ حَيْثُ كَانَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَقَالَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ: فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ وَضَرْبٌ مِنْهُ، عَلَى مَا رَتَّبَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ مَرَاتِبِ الْقِيَاسِ وَضُرُوبِهِ، وَأَنَّهُ يَدْخُلُهُ مَا يَدْخُلُ الْقِيَاسَ مِنَ الْعِلَلِ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: أَنَّهُ هُوَ القِيَاسُ بِعَيْنِهِ وَفَحْوَى خِطَابِهِ». [جامع بيان العلم وفضله، (٢/ ٨٨٧)].
(٣) هو: أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، الفارسي، ثم الأندلسي القرطبي اليزيدي، الفقيه الحافظ، المتكلم، الأديب، الوزير الظاهري، تفقه للشافعي، ثم أداه اجتهاده إلى القول بنفي القياس كله جليه وخفيه، والأخذ بظاهر النص وعموم الكتاب والحديث، والقول بالبراءة الأصلية، واستصحاب الحال، وصنف في ذلك كتبا كثيرة، وناظر عليه، كان في الأندلس خلق كثير ينتسبون إلى مذهبه، يقال لهم (الحزمية). من مصنفاته: الفصل في الملل والأهواء والنحل، والمحلى، وإبطال القياس والرأي، وطوق الحمامة، وغيرها، توفي سنة ٤٥٦ هـ.
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (١٨/ ١٨٤). و: نفح الطيب، (٢/ ٧٧). و: الأعلام، (٤/ ٢٥٤)].
(٤) طبقات الشافعية الكبرى، (٢/ ٢٩٠).

<<  <   >  >>