للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإلمام بأصول الفتوى عند الأوائل من مجتهدين ومقلدين؛ فانتحل صفة المجتهد من نزل عن درجة المقلد البصير، واستنسر البُغاث واستبحر الغدير» (١).

تطبيقاته:

النموذج الأول: الاستدراك على منهج التخيّر من الأقوال.

في (ترتيب المدارك): «قال موسى بن معاوية (٢): كنت عند البهلول بن راشد (٣)، إذا أتاه ابن أشرس (٤)،

فقال له: ما أقدمك؟ قال نازلةٌ؛ رجل ظلمه السلطان فأخفيته، وحلفت بالطلاق ثلاثاً ما أخفيته. قال له البهلول: مالك يقول: إنه يحنث في زوجته. قال ابن أشرس وأنا سمعته يقول، وإنما أردت غير هذا. فقال: ما عندي غير ما تسمع. قال: فتردد إليه ثلاثة. كل ذلك يقول البهلول قوله الأول، فلما كان في الثالثة أو الرابعة قال له: يا ابن أشرس، شر ما أنصفتم الناس؛ إذا أتوكم في نوازلهم قلتم: قال مالك. فإذا


(١) عبد الله بن المحفوظ بن بيه، (٥).
(٢) هو: أبو جعفر، موسى بن معاوية، الصمادحي، المغربي الإفريقي، الإمام المفتي، كان ثقة مأمونا، عالما بالحديث والفقه، قال عنه سحنون: ما جلس أحد أحق منه بالفتوى. أدرك في رحلته جماعة، منهم: الفضيل بن عياض، وجرير بن عبدالحميد، ووكيع. وروى عن موسى: محمد بن وضاح، وأبو سهل فرات، ومحمد بن سحنون طائفة.
لم يذكر له الذهبي وفاة ولم أعثر له على تاريخ وفاة.
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (١٢/ ١٠٨)].
(٣) هو: أبو عمرو، البهلول بن راشد، من أهل القيروان، سمع من مالك والثوري، دون الناس عنه جامعاً، وقام بفتياهم، وسمع منه سحنون وخالد بن يزيد وأبو سنان ويحيى بن سلام وغيرهم من بعدهم، وروى عنه القعنبي. توفي سنة ١٨٣ هـ.
[يُنظر: ترتيب المدارك، (٣/ ٨٧). و: الديباج المذهب مع نيل الابتهاج، (١٠٠)].
(٤) هو: أبو مسعود، عبد الرحيم بن أشرس، ثقة فاضل، من مالكية أفريقية، سمع من مالك بن أنس ومن ابن القاسم، وروى عنه ابن وهب وجماعة. قال سحنون: كان علي بن زياد خير أهل أفريقية في الضبط للعلم، وكان ابن أشرس أحفظ على الرواية، وكان شديد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لم أعثر له على تاريخ وفاة.

[يُنظر: ترتيب المدارك، (٣/ ٨٥). و: الديباج المذهب مع نيل الابتهاج، (١٥٢)].

<<  <   >  >>