للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نزلت بكم النوازل طلبتم لها الرخص، الحسن يقول: لا حنث عليه. قال ابن أشرس: الله أكبر! قلدها الحسن أو كما قال» (١).

النموذج الثاني: الاستدراك على منهج استعمال (لا أدري).

عن سليمان بن يسار (٢) قال: «كنت أقسم نفسي بين ابن عباس وابن عمر، فكنت أكثر ما أسمع ابن عمر يقول: لا أدري. وابن عباس لا يرد أحدًا. فسمعت ابن عباس يقول: عجبًا لابن عمر ورده الناس! ألا ينظر فيما يشك؟ فإن كانت مضت به سنة قال بها، وإلا قال برأيه» (٣).

وقال صاحب (الاتجاهات الفقهية) مُستدركًا على الإكثار من قول «لا أدري»: «ولكن الإكثار من هذا القول، وبخاصة فيما يمكن أن يُعلم، وفيما تتطلبه احتياجات الناس - يجعل ذلك الاتجاه قاصرًا عن الوفاء بهذه الاحتياجات، فينصرف الناس عن المحدّثين، ويحملهم على أن يولوا وجوههم شطر من يستطيعون الإجابة عن أسئلتهم، وتلبية مطالبهم، ومن يمتازون بسرعة الفصل فيما نزل، وفيما يستجد من النوازل،

ولعل هذا الموقف من المحدثين كان من أسباب انصراف الناس عن فقههم، ولولا ظهور محنة ابن حنبل، وما هيأته له من مكانة ما قصد للفتوى هذا القصد، وما اهتم أحد بجمع فقهه ونشره بهذا الاهتمام.


(١) (٣/ ٨٦).
(٢) هو: أبو أيوب، وقيل: أبو عبد الرحمن وأبو عبد الله، سليمان بن يسار، المدني، الفقيه، الإمام، عالم المدينة ومفتيها، مولى أم المؤمنين ميمونة الهلالية، وقيل: كان مكاتبا لأم سلمة، ولد في خلافة عثمان، وكان من أوعية العلم بحيث إن بعضهم قد فضله على سعيد بن المسيب. توفي سنة ١٠٧ هـ.
[يُنظر: الطبقات الكبرى، (٥/ ١٧٤). و: سير أعلام النبلاء، (٤/ ٤٤٤)].
(٣) تذكرة الحفاظ، (١/ ٣٨).

<<  <   >  >>