للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد أكثر المحدثون من قول «لا أدري»، وتناقلوا أن قولها نصف العلم، حتى نقل عن أبي حنيفة أنه شنع عليهم ذلك، كما شنعوا عليه بكثرة المسائل، فقال: يكفي المرء أن يقول «لا أدري» مرتين حتى يستكمل العلم» (١).

من جانب آخر يستدرك صاحب (تلبيس إبليس) على بعض المتفقهين عدم اعتمادهم قول «لا أدري» في مكانها قائلاً: «ومن ذلك إقدامهم على الفتوى وما بلغوا مرتبتها، وربما أفتوا بواقعاتهم المخالفة للنصوص، ولو توقفوا في المشكلات كان أولى» (٢).

النموذج الرابع: الاستدراك على ترك الاستفصال من المستفتي عند إجمال سؤاله.

في (إعلام الموقعين): «والمقصود التنبيه على وجوب التفصيل إذا كان يجد السؤال محتملا، وبالله التوفيق. فكثيرًا ما يقع غلط المفتي في هذا القسم، فالمفتي ترد إليه المسائل في قوالب متنوعة جدًّا، فإن لم يتفطن لحقيقة السؤال وإلا هلك وأهلك، فتارة تورد عليه المسألتان صورتهما واحدة وحكمهما مختلف، فصورة الصحيح والجائز صورة الباطل والمحرم، ويختلفان بالحقيقة، فيذهل بالصورة عن الحقيقة، فيجمع بين ما فرق الله ورسوله بينه، وتارة تورد عليه المسألتان صورتهما مختلفة وحقيقتهما واحدة وحكمهما واحد، فيذهل باختلاف الصورة عن تساويهما في الحقيقة، فيفرق بين ما جمع الله بينه، وتارة تورد عليه المسألة مجملة تحتها عدة أنواع، فيذهل وهمه إلى واحد منها، ويذهل عن المسئول عنه منها، فيجيب بغير الصواب، وتارة تورد عليه المسألة الباطلة في دين الله في قالب مزخرف ولفظ حسن، فيتبادر إلى تسويغها،


(١) (٢٨٧).
(٢) (١١٧).

<<  <   >  >>