للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليّ، وقد خرجوا على عاملي، وقد حلت لي دماؤهم. فقال رجل: يدك مبسوطة عليهم، وقولك مقبول فيهم، فإن عفوت فأنت أهل العفو، وإن عاقبت فبما يستحقون. فقال لأبي حنيفة: ما تقول أنت ياشيخ؟ ألسنا في خلافة نبوة وبيت أمان؟ قال: إنهم شرطوا لك ما لا يملكونه، وشرطت عليهم ما ليس لك؛ لأن دم المسلم لا يحل إلا بأحد معان ثلاثة (١)، فإن أخذتهم أخذت بما لا يحل، وشرط الله أحق أن توفي به.

فأمرهم المنصور بالقيام فتفرقوا، ثم دعاه، وقال: يا شيخ القول ما قلت، انصرف إلى بلادك، ولا تُفتِ الناس بما هو شين على إمامك، فتبسط أيدي الخوارج. (٢)


(١) هي التي في حديث البخاري بسنده عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالْمَارِقُ مِنْ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ». [صحيح البخاري، (٩/ ٥)، ك الديات، ب قول الله تعالى {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: ٤٥]، رقم (٦٨٧٨). وبنحوه في صحيح مسلم، (٧٩٨)، ك القسامة والمحاربين والقصاص، ب ما يباح به دم المسلم، رقم (٢٥ - ١٦٧٦)].
(٢) أبو حنيفة حياته وعصره - آراؤه وفقهه، (٤٨ - ٤٩). عن المناقب للبزازي.

<<  <   >  >>