للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الحقيقة أن الذي أجهز عليه هم الذين جعلوه ديوان دراسة المبتدئين والمتوسطين، وهو لا يصلح إلا للمحصلين، على أن صاحبه قال في أوله: «مُبيّنًا لما به الفتوى» ولم يقل جعلته لتعليم المبتدئين، فلا لوم عليه» (١).

النموذج الثاني: الاستدراك على إهمال الطالب النظرَ والتدبر في نصوص الكتاب والسنة.

قال صاحب (تلبيس إبليس): «كان الفقهاء في قديم الزمان هم أهل القرآن والحديث، فما زال الأمر يتناقص، حتى قال المتأخرون: يكفينا أن نعرف آيات الأحكام من القرآن، وأن نعتمد الكتب المشهورة في الحديث ... ثم استهانوا بهذا الأمر أيضًا، وصار أحدهم يحتج بآية لا يعرف معناها، وبحديث لا يدري أصحيح هو أم لا؟ وربما اعتمد على قياس يعارضه حديث صحيح ولا يعلم؛ لقلة التفاته إلى معرفة النقل، وإنما الفقه استخراج من الكتاب والسنة، فكيف يستخرج من شيء لا يعرفه؟ ! ومن القبيح تعليق حكم على حديث لا يدري أصحيح هو أم لا؟ ولقد كانت معرفة هذا تصعب ويحتاج الإنسان إلى السفر الطويل والتعب الكثير حتى تعرف (٢) ذلك، فصنفت الكتب وتقررت السنن، وعرف الصحيح من السقيم، ولكن غلب على المتأخرين الكسل بالمرة عن أن يطالعوا علم الحديث» (٣).


(١) (٤/ ٧٩).
(٢) كذا بالتاء
(٣) (١١٥).

<<  <   >  >>