كتاب الاستدراك الفقهي تأصيلا وتطبيقا

المطلب الثاني: أنواع الاستدراك الفقهي باعتبار متعلقه الفعلي، وتطبيقاتها - المسألة الخامسة: الاستدراك الفقهي على الدرس الفقهي، وتطبيقاته - ص: 285

وروى ابن عبد البر بسنده إلى يحيى بن سعيد القطان (١) أنه قال: سمعتُ شُعبة (٢)

يقول: «إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون؟ ». قال ابن عبد البر: إنما عابو الإكثار خوفًا من أن يرتفع التدبر والتفهم. (٣)

وقال في موضع آخر: «أما طلب الحديث على ما يطلبه كثير من أهل عصرنا اليوم دون تفقه فيه ولا تدبر لمعانيه فمكروه عند جماعة من أهل العلم» (٤).

النموذج الثالث: الاستدراك على التكثّر بالمسائل.

روى ابن عبد البر بسنده عن عبدة بن أبي لبابة (٥) أنه قال: «ودِدْتُ أن أحظى من أهل هذا الزمان أن لا أسألهم عن شيء، يتكاثرون بالمسائل كما يتكاثر أهل الدراهم بالدراهم» (٦).

---

(١) هو: أبو سعيد، يحيى بن سعيد بن فروخ، التميمي مولاهم البصري، القطان، الإمام، الحافظ، أمير المؤمنين في الحديث، عني بشأن الحديث أتم عناية، ورحل فيه، وساد الأقران، وانتهى إليه الحفظ، وتكلم في العلل والرجال، وتخرج به الحفاظ، وكان يقول: لزمت شعبة عشرين سنة. وتوفي بالبصرة ١٩٨ هـ في خلافة عبد الله بن هارون.
[يُنظر: الطبقات الكبرى، (٧/ ٢٩٣). و: سير أعلام النبلاء، (٩/ ١٧٥)].
(٢) هو: أبو بسطام، شعبة بن الحجاج بن الورد، الأزدي العتكي، مولاهم الواسطي، الإمام الحافظ، عالم أهل البصرة وشيخها، سكن البصرة من الصغر، ورأى الحسن، وأخذ عنه مسائل، وكان الثوري يقول: شعبة أمير المؤمنين في الحديث. وقال الشافعي: لولا شعبة لما عرف الحديث بالعراق. توفي بالبصرة، ١٦٠ هـ.

[الطبقات الكبرى، (٧/ ٢٨٠). و: سير أعلام النبلاء، (٧/ ٢٠٢)].
(٣) جامع بيان العلم وفضله، (١٠٢٩).
(٤) جامع بيان العلم وفضله، (١٠٢٠).
(٥) هو: أبو القاسم، عبدة بن أبي لبابة، الأسدي ثم الغاضري، مولاهم الكوفي التاجر، أحد الأئمة، نزل دمشق، ثقة، توفي سنة ١٢٧ هـ.
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (٥/ ٢٢٩). و: تهذيب الكمال، (١٨/ ٥٤١)].
(٦) جامع بيان العلم وفضله، (١٠٥٩). قال المحقق: إسناده حسن.