للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النموذج الثالث: الاستدراك على الجمود في أساليب وموضوعات الخطاب الفقهي.

قال صاحب (الفكر السامي) في سياق حديثه عن سالم بو حاجب (١): «وسألني: هل لا زال خطباؤكم على النسق القديم في خطبهم، مقتصرين فيها على من صام رمضان وأتبعه بست من شوال، غير مُبالين بإنذار قومهم بما يتهددهم من البوار، وإرشادهم لما فيه صلاح دنياهم التي بها صلاح دينهم وأخراهم؟ فأجبته: لا زال خطباؤنا على الطراز القديم تمامًا وهم في نومهم كأمتهم، تحسبهم جامدين. فتأسّف كثيرًا وقال لي: لا ينبغي ولا يُحمد من مثلك السكوت، بل يجب عليك إيقاظ قومك». ثم ذكر له صاحب (الفكر السامي) جهودَه في ذلك (٢).

النموذج الرابع: الاستدراك على بعض طرائق تدوين الفقه.

من هذه الاستدراكات:

- الاستدراك على التعقيد اللفظي. قال صاحب (الفكر السامي): «ولنضع أمامك مثالاً تفهم به ما امتحن به طلاب العلم بعد القرون الوسطى. عرّف ابن عرفة الذبائح بكلمات وهي: (الذبائح لقبًا لما يحرم بعض أفراده من الحيوان لعدم ذكاته، أو سلبها عنه ما يباح بها مقدورًا عليه. ا. هـ) وهو تعريف كما ترى أشبه بلغز من مسألة علمية؛ فاحتاج بعض أهل العصر في شرحه إلى كراس كامل، فإذا كان تعريف لفظ واحد من ألفاظ الفقه التي حدث الاصطلاح الشرعي فيها يحتاج شرحه إلى هذا ... فكيف يمكن أن يمهر الطالب في الفقه، وكيف يمكن أن ترتقي علومنا، وأي حاجة بطلبة العلم إلى هذه التعاريف؟ ! فلقد كان


(١) سالم بو حاجب آل سيدي مهذب التونسي، عالم تونس ومفتيها، وشيخ المالكية فيها، له إلمام باللغة الإيطالية، يرى تعين تعليم علم الأوروبيين، وقدم أولاده لذلك، ترقى لرتبة باش مفتي المالكية، وهي تعني رئيس المجلس الشرعي المالكي، وهي أعلى رتبة ينالها عالم مالكي بتونس، توفي في ذي الحجة سنة ١٣٤٢ هـ.
[يُنظر: الفكر السامي، (٤/ ١٥٢) مع هامش (١) في الصفحة بعدها].
(٢) (٤/ ١٥٣).

<<  <   >  >>