للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال صاحب (الفكر السامي): «إلا أن المتأخرين لم يستعملوا الأصول لما وضع له من الاستنباط مع إيضاح الحق ليعمل به، بل استعملوه آلة جدال وغمت الحق، فتجد الرجل يستدل لنفسه بالعام فإذا ما استدل خصمه رد عليه فقال: إن دلالته ظنية وأنه لا يعمل به قبل البحث عن المخصص، وإن كل عام دخله تخصيص، وتجده يستدل بالخاص فإذا ما استدل به خصمه رد عليه بأنه قضية عين لا عموم لها ... وهكذا أكثروا من القواعد وعارضوا بعضها ببعض ليتوصل كل واحد إلى أن يتمسك بما هو عليه ولا يحيد عنه، ولم يبق عندهم استدلال إلا الجدال لا لظهور الحق وإبانة باطل، وما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم». (١)

- الاستدراك على تضييع الوقت في الجدل العقيم. من ذلك تحذير صاحب (الفكر السامي) الشباب المتفقهين منه، وهو تحذير يستلزم الاستدراك على التمادي في طريق من مضى فيه، فقال: «وليجتنبوا (٢) المجادلات الدينية والاختلافات المذهبية، فذلك شيء فرغ منه، فإياهم وإياي من ضياع الوقت النفيس إلا فيما يفيد، فحذار حذار من المجادلات البيزنطية الدينية التي لا تأتي بفائدة» (٣).


(١) (٢/ ١٨٤). ويُنظر منه: (٢/ ١٩٦)، (٣/ ١٥٢). و: جامع بيان العلم وفضله، (١١٣٧ وما بعدها).
(٢) أي الشبيبة.
(٣) (٤/ ٢١٢).

<<  <   >  >>