للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي أوجب الهرم وأفسد الفقه بل العلوم كلها ... إذ صاروا قراء كتب لا محصلي علوم، ثم في الأخير قصروا عن الشرح واقتصروا على التحشية والقشور، ومن اشتغل بالحواشي ما حوى شيء» (١).

النموذج الثاني: الاستدراك على سيئات الجدل والمناظرة.

وله وجوه، منها:

- الاستدراك على استعمال الجدل والمناظرة دون قواعد. يقول ابن خلدون: «وأما الجدل - وهو معرفة آداب المناظرة التي تجري بين أهل المذاهب الفقهية وغيرهم - فإنه لما كان باب المناظرة في الرد والقبول متسعًا، وكل واحد من المتناظرين في الاستدلال والجواب يرسل عنانه في الاحتجاج، ومنه ما يكون صوابًا ومنه ما يكون خطأً، فاحتاج الأئمة إلى أن يضعوا آدابًا وأحكامًا يقف المتناظران عند حدودها» (٢).

- والاستدراك على تغيِّي غير الحق من الجدل والمناظرة. في (تلبيس إبليس): «ومن تلبيس إبليس على الفقهاء أن جل اعتمادهم على تحصيل علم الجدل، يطلبون - بزعمهم - تصحيح الدليل على الحكم والاستنباط لدقائق الشرع، وعلل المذاهب، ولو صحت هذه الدعوى منهم لتشاغلوا بجميع المسائل، وإنما يتشاغلون بالمسائل الكبار ليتسع فيها الكلام، فيتقدم المناظر بذلك عند الناس في خصام النظر، فهمّ أحدهم بترتيب المجادلة والتفتيش على المناقضات طلبًا للمفاخرات والمباهاة، وربما لم يعرف الحكم في مسألة صغيرة تعم بها البلوى» (٣).


(١) (٤/ ٢).
(٢) مقدمة ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، (١/ ٥٧٨).
(٣) (١١٦).

<<  <   >  >>