للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النموذج الأول: الاستدراك على منهج تدريس المختصرات.

من ذلك أن الأمير أبي عبد الله سيدي محمد بن عبد الله بن إسماعيل (١) كان ينهى عن المختصرات، ويرى الرجوع للكتاب والسنة. قال صاحب (الفكر السامي) معقّبًا: «ولو عملوا برأيه لارتقى علم الدين إلى أوج الكمال» (٢).

ويبدو أن الوجه المُعترض عليه في تدريس المختصرات هو تدريسها للمبتدئين والمتوسطين حيثُ قال صاحب (الفكر السامي) بعد أن بيّن مكانة مختصر خليل وأن تأليفه إنما هو للفتوى وليس للدروس: «وأما المُبتدئون والمتوسطون فما أحوجهم للرسالة القيروانية وأمثالها، وتقدم لنا ما هو أولى من ذلك كله من التمرن على الكتاب والسنة وكتب الإجماع والفقه القديم» (٣). وفي موضع آخر: «لكن في الحقيقة أن الذي أجهز عليه (٤) هم الذين جعلوه ديوان دراسة للمبتدئين والمتوسطين، وهو لا يصح إلا للمحصلين، على أن صاحبه قال في أوله: «مُبينا لما به الفتوى» (٥)، ولم يقل جعلته لتعليم المبتدئين. فلا لوم عليه» (٦).

كما أن المُستدرك عليه في هذا الشأن هو الاقتصار عليها أيضًا في التدريس فقال: «وفكرة الاختصار ثم التباري فيه مع جمع الفروع الكثيرة في اللفظ القليل هو


(١) هو الأمير أبو عبد الله سيدي محمد بن عبد الله بن إسماعيل العلوي، سلطان المغرب الأقصى، عالم السلاطين، وسلطان العلماء في وقته، جد الدولةالعلوية بعد اندثارها، جال بين القرى والقبائل وأيقن أن الدين كاد يذهب باستيلاءالجهل، فألف تأليفا على نسق رسالة ابن أبي زيد، تسهيلا للعوام، ليصلوا إلى ضروريات الدين، وله بغية ذوي الأبصار والألباب في الدرر المنتخبة من تأليف الإمام الحطاب، وله كتاب في الفقه مبسوط، وكتاب حديثي انتقى فيه من الأحاديث التي أخرجها الأئمة الأربعة في مسانيدهم، فتح ثغرالجديدة وشيد ثغر السويرة، سلفي العقيدة على مذهب الحنابلة، بنى مدرسة باب عجيسة بفاس ومساجد وقناطر، توفي سنة ١٢٠٤ هـ
[يُنظر: الفكر السامي، (٤/ ١٢٦)].
(٢) (٤/ ١٢٧).
(٣) (٤/ ٢٢٤).
(٤) يعني على الفقه؛ لأنه في سياق نفي مقالة أن مختصر خليل أجهز على الفقه.
(٥) مختصر خليل مع مواهب الجليل وَالتاج والإكليل، (١/ ٣٤).
(٦) (٤/ ٧٩).

<<  <   >  >>