للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النموذج الأول: الاستدراك على تنقُّص الفقهاء والمتفقهين.

قال جامعُ مسند أبي حنيفة: «وقد سمعت بالشام عن بعض الجاهلين مقداره (١) أنه ينقصه ويستصغره ويستعظم غيره، ويستحقره وينسبه إلى قلة رواية الحديث، ويستدل باشتهار المسند الذي جمعه أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم (٢) للشافعي - رحمه الله - وموطأ مالك ومسند الإمام أحمد - رحمهم الله تعالى -، وزعم أنه ليس لأبي حنيفة - رحمه الله - مسند، وكان لا يروي إلا عدة أحاديث؛ فلحقتْني حميةٌ دينية ربانية وعصبية حنفية نعمانية، فأردت أن أجمع بين خمسة عشر من مسانيده التي جمعها له فحول علماء الحديث» وذكرهم (٣).

النموذج الثاني: الاستدراك على تقبيح العلوم النافعة.

جاء في (الإحياء) من وظائف المعلّم المُرشد: « ... أن المتكفل ببعض العلوم ينبغي أن لا يقبح في نفس المتعلم العلوم التي وراءه، كمعلم اللغة إذ عادته تقبيح علم الفقه، ومعلم الفقه عادته تقبيح علم الحديث والتفسير، وأن ذلك نقل محض وسماع، وهو شأن العجائز، ولا نظر للعقل فيه، ومعلم الكلام ينفر عن الفقه، ويقول: ذلك فروع، وهو كلام في حيض النسوان، فأين ذلك من الكلام في صفة الرحمن؟ ! فهذه أخلاق مذمومة للمعلمين ينبغي أن تجتنب، بل المتكفل بعلم واحد ينبغي أن يوسع على المتعلم طريق التعلم في غيره، وإن كان متكفلا بعلوم فينبغي أن يراعى التدريج في ترقية المتعلم من رتبة إلى رتبة» (٤).


(١) أي مقدار أبي حنيفة.
(٢) هو: أبو العباس، محمد بن يعقوب بن يوسف، الأموي مولاهم، السناني المعقلي النيسابوري الأصم، الإمام المحدث مسند العصر، ولد المحدث الحافظ أبي الفضل الوراق. سمع الحديث الكثير، وسمع من الربيع كتب الشافعي المبسوط وغيره. توفي سنة ٣٤٦ هـ.
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (١٥/ ٤٥٢). و: طبقات الشافعية، (١/ ١٣٣)].
(٣) جامع المسانيد، أبو المؤيد الخوارزمي، (١/ ٤).
(٤) (١/ ٥٧).

<<  <   >  >>