للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختلافًا وفرقة؟ ولقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب فقال: «أيّما رجل من أمتي سببته سبة، أو لعنته لعنة في غضبي فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين، فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة». والله لتنتهينَّ أو لأكتبنَّ إلى عمر» (١).

الفرع الثالث: الاستدراك الفقهي على الدرس الفقهي باعتبار الأخلاقيات، وتطبيقاته.

استدرك الفقهاء على أخلاق مُخلة بآداب الطلب والتفقه، حيثُ تحيد بصاحبها عن جادة المنهج القويم في الأدب مع العلم والعلماء وطلبة العلم.

إن هذا النوع من الاستدراك جعله صاحب (إحياء علوم الدين) من وظائف المعلّم حيث قال: «الوظيفة الرابعة - وهي من دقائق صناعة التعليم - أن يزجر المتعلم عن سوء الأخلاق بطريق التعريض - ما أمكن - ولا يصرح، وبطريق الرحمة لا بطريق التوبيخ» (٢).

واهتم الفقهاء بالتحذير من مظانها، من ذلك الجدل والمناظرات التي تتغيّا غير الحق، قال صاحب (إحياء علوم الدين): «اعلم وتحقَّقْ أن المناظرة الموضوعة لقصد الغلبة والإفحام وإظهار الفضل والشرف والتشدق عند الناس وقصد المباهاة والمماراة واستمالة وجوه الناس هي منبع جميع الأخلاق المذمومة عند الله، المحمودة عند عدو الله إبليس، ونسبتها إلى الفواحش الباطنة من الكبر والعجب والحسد والمنافسة وتزكية النفس وحب الجاه وغيرها كنسبة شرب الخمر إلى الفواحش الظاهرة من الزنا والقذف والقتل والسرقة» (٣).

وأعرض هنا نماذج لاستدراكات الفقهاء على أخلاقيات مُخلة بآداب التفقه.


(١) (٥/ ٢٠٩)، ك السنة، ب النهي عن سب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رقم (٤٦٥٩).
قال الألباني: والسياق لأبي داود وهو أتم وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات [سلسلة الأحاديث الصحيحة، (٤/ ٣٥٣)].
(٢) محمد بن محمد بن محمد الغزالي، (١/ ٥٦).
(٣) (١/ ٤٥).

<<  <   >  >>