للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النموذج العاشر: الاستدراك على انتقاء المسائل المؤدي للاختلاف.

في (سنن أبي داود): «عن عمرو بن أبي قرة (١)

قال: كان حذيفة (٢) بالمدائن (٣)، فكان يذكر أشياء قالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأناس من أصحابه في الغضب، فينطلق ناس ممن سمع ذلك من حذيفة، فيأتون سلمان (٤)،

فيذكرون له قول حذيفة، فيقول سلمان: حذيفة أعلم بما يقول. فيرجعون إلى حذيفة، فيقولون له: قد ذكرنا قولك لسلمان فما صدقك ولا كذبك. فأتى حذيفةُ سلمان - وهو في مبقلة (مزرعة البقل) - فقال: يا سلمان! ما يمنعك أن تصدقني بما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال سلمان: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغضب، فيقول في الغضب لناس من أصحابه، ويرضى فيقول في الرضا لناس من أصحابه، أما تنتهي حتى تورث رجالاً حبّ رجال، ورجالاً بغضَ رجال، وحتى توقع


(١) هو: عمرو بن أبي قرة، سلمة بن معاوية بن وهب الكندي الكوفي، ثقة، مخضرم من الثانية.

[يُنظر: تهذيب الكمال، (٢٢/ ١٩١). و: تقريب التهذيب، (٧٤٣)]
(٢) هو: أبو عبد الله، حذيفة بن اليمان، وهو حذيفة بن حسل - ويقال: حسيل - بن جابر بن عمرو، العبسي اليماني، حليف الأنصار، من أعيان المهاجرين، هاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فخيره بين الهجرة والنصرة فاختار النصرة، وشهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدا وقتل أبوه بها، وهو صاحب سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنافقين، لم يعلمهم أحد إلا حذيفة، وكان يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشر ليتجنبه، شهد الحرب بنهاوند، وأخذ الراية لما قتل أمير الجيش، وكان فتح همذان والري والدينور على يده وشهد فتح الجزيرة ونزل نصيبين وتزوج فيها، وكان موته بعد قتل عثمان بأربعين ليلة سنة ٣٦ هـ.
[يُنظر: أسد الغابة، (١/ ٥٧٢). و: سير أعلام النبلاء، (٢/ ٣٦١)].
(٣) مدن في العراق، عند مصب الفرات في دجلة، بناها ملوك الأكاسرة الساسانية، فُتحت كلها على يد سعد بن أبي وقاص سنة ١٦ هـ، في خلافة عمر - رضي الله عنه -. قال الحموي: «فأما في وقتنا هذا فالمسمى بهذا الاسم بليدة شبيهة بالقرية بينها وبين بغداد ستة فراسخ». [يُنظر: معجم البلدان، (٥/ ٧٤ - ٧٥)].
(٤) هو: أبو عبد الله، سلمان، الفارسي، وسئل عن نسبه فقال: أنا سلمان بن الإسلام، ويعرف بسلمان الخير، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان ببلاد فارس مجوسيا سادن النار. كان لبيبا حازما، من عقلاء الرجال وعبادهم ونبلائهم. وسئل علي عن سلمان فقال: علم العلم الأول، والعلم الآخر، وهو بحر لا ينزف، وهو منا أهل البيت. توفي في آخر خلافة عثمان سنة ٣٥ هـ.

[يُنظر: أسد الغابة، (٢/ ٤٨٧). و: سير أعلام النبلاء، (١/ ٥٠٥)].

<<  <   >  >>