للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختيارًا وأُخفي عنه. فدعا بقضاء عليّ - رضي الله عنه -، فجعل يكتب منه أشياء، ويمر بالشيء، فيقول: والله ما قضى بهذا عليّ إلا أن يكون ضلَّ (١).

وذكر في (الموافقات) أن الخطأ يعرِض للمجتهد إما بخفاء بعض الأدلة حتى يتوهم ما لم يقصد منه، وإما بعدم الاطلاع عليه جملة (٢). قال دراز مُعلِّقًا: «وقد يكون هذان من عدم بذل الوسع، ومن التقصير فيما هو واجب على المجتهد» (٣).

وفي هذا - أيضًا - يقول صاحب (الفكر السامي) واصفًا شيخه أبا العباس المعروف بالزرشاني (٤) بأنه سالمٌ من «غلبة الوهم العارضة لأهل الطيش والخفة، الذين يعتمدون أول ما يتلمح لهم، فيخطفون المسائل خطفة، فيُخطئون أكثر مما يصيبون، ويفسدون أكثر مما يصلحون» (٥).

١١ - التصرّف في نقل الأقوال دون مُراعاة لمطابقة المعنى المنقول لمُراد القائلين.

ولذلك يستحسن المُحققون نقل نص الكلام دون نقل معناه.

والخطأ في هذا السبب قد يكون ناتجًا عن عدم التمكن في معرفة دلالات الألفاظ مما يُولّد التفاوت بين مُراد المُستعمِل ونقل الحامل، أو من المبالغة في الاختصار، أو من عدم التجرّد النفسي للحق.

سواء كان التصرف في حكاية القول أو تأويله أو تنزيله.


(١) مقدمة صحيح مسلم، (٨)، باب في الضعفاء والكذابين ومن يرغب عن حديثهم، رقم (٦).
(٢) الموافقات، (٤/ ٥٣٠).
(٣) الموافقات مع تعليق دراز عليه، (٤/ ٥٣٠).
(٤) هو أبو العباس أحمد بن حسن بن محمد المكودي المعروف بالزرشاني (ت ١١٦٩ هـ) [يُنظر: الفكر السامي، (٤/ ١٢٣ - ١٢٤)].
(٥) (٤/ ١٢٣ - ١٢٤).

<<  <   >  >>