للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحروفها، وقد تمكن بذلك من الكشف عن كثير من الأخطاء التي وقع فيها من قبله في اختصار كلام أئمة المذهب المتقدمين» (١).

وتعقّب ابن رجب (٢) أبا بكر الخلال في بعض المسائل وقال: «وأبو بكر كثيرًا ما ينقل كلام أحمد بالمعنى الذي يفهمه منه، فيقع فيه تغيير شديد، ووقع له مثل هذا في كتاب (زاد المسافر) كثيرًا» (٣).

وأما الأسباب العائدة للطبيعة البشرية:

فقد جمعَت جملةً منها عائشة - رضي الله عنها - في استدراكها على ابن عمر - رضي الله عنهما - في الميت يُعذّب ببكاء أهله، حيث قالت: «وَهِم أبو عبد الرحمن أو أخطأ أو نسي» (٤).

وتحصل لي من الأسباب العائدة إلى الطبيعة البشرية ما يلي:

١ - الجهل.

ذلك أن الإنسان يعتريه الجهل، فقد يجهل المُستدرَك عليه أدلة المسألة، أو بعض أدلتها: كأن يعلم المنسوخ دون الناسخ، أو العام دون المُخصِّص، أو العزيمة دون الرُّخصة.

قال صاحب (الفكر السامي): «وكم من مسألة يُظن بأهل العراق فيها أنهم قد نبذوا النص وأخذوا بحكم العقل والنظر - وحاشاهم أن يعتمدوا ذلك - وإنما سبب ذلك


(١) الإمام أبوالحسن اللخمي وجهوده في تطوير لاتجاه النقدي في المذهب المالكي بالغرب الإسلامي، (٢/ ٥١٦).
(٢) هو: أَبُو الْفرج، عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن رَجَب، زين الدّين، الْعَلامَة الْحَافِظ الزَّاهِد شيخ الْحَنَابِلَة، اشتغل بِسَمَاع الحَدِيث باعتناء وَالِده، وَله: شرح التِّرْمِذِيّ، وَشرح أَرْبَعِينَ النووي، وَشرح فِي شرح البُخَارِيّ سَمَّاهُ فتح الْبَارِي فِي شرح البُخَارِيّ، وَالْقَوَاعِد الْفِقْهِيَّة. توفي سنة ٧٩٥ هـ
[يُنظر: المقصد الأرشد، (٢/ ٨١). و: المنهج الأحمد، (٥/ ١٦٨)].
(٣) تقرير القواعد وتحرير الفوائد، عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي، (٢/ ١٩٤).
(٤) جامع بيان العلم وفضله، (٩١٥)، رقم (١٧٢١). قال المحقق: حديث ابن عمر صحيح.

<<  <   >  >>