للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في نظر المُتلافي، مُقتضاه أنه قد لا يكون تلافيًا في نظر غير المتلافي، أو في نظر المتلافي في غير وقت استدراكه.

من هذا ما في مقدمة (التنقيح في شرح الوسيط) عند تعداد عمله في الكتاب قال: «بيان ما غلّطه (١) فيه كثيرون، وليس هو غلطًا، بل له وجهٌ خفيَ على من غلّطه، وهذا كثيرٌ جدًّا في الأحكام واللغات» (٢).

تطبيقاته:

النموذج الأول:

«عَنْ عِكْرِمَةَ (٣)، أَنَّ عَلِيًّا - رضي الله عنه - حَرَّقَ قَوْمًا، فَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ الله. وَلَقَتَلْتُهُمْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (٤).

وهنا يظهر سبب الخطأ من علي - رضي الله عنه - وهو عدم علمه بدليل المسألة الذي عند ابن عباس - رضي الله عنهما -.

النموذج الثاني:

«عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ ... سَمُرَةَ (٥)

بَاعَ خَمْرًا. فَقَالَ: قَاتَلَ الله سَمُرَةَ! أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:


(١) ضمير الغيبة للغزالي في الوسيط.
(٢) (١/ ٧٩).
(٣) هو: أبو عبد الله، القرشي، مولاهم، المدني، البربري الأصل، العلامة، الحافظ، المفسر، مولى عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم، توفي ابن عباس عنه وهو رقيق، وباعه علي بن عبد الله بن عباس من خالد بن يزيد بن معاوية بأربعة آلاف دينار، فقال له عكرمة: ما خير لك، بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار؟ ! فاستقاله، فأقاله وأعتقه. توفي سنة ١٠٥ هـ.
[يُنظر: الطبقات الكبرى، (٥/ ٢٨٧). و: سير أعلام النبلاء، (٥/ ١٢)].
(٤) صحيح البخاري، (٤/ ٦١)، ك الجهاد والسير، ب لا يعذب بعذاب الله، رقم (٣٠١٧).
(٥) هو: أبو سعيد، وقيل: أبو عبد الرحمن وأبو عبد الله وأبو سليمان، سمرة بن جندب بن هلال الفزاري، من علماء الصحابة، قدمت به أمه المدينة بعد موت أبيه، فتزوجها رجل من الأنصار وكان في حجره إلى أن صار غلامًا، وكان له حلف في الأنصار، وغزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غير غزوة، نزل البصرة، وكان زياد بن أبيه يستخلفه على البصرة إذا سار إلى الكوفة، ويستخلفه على الكوفة إذا سار إلى البصرة، وكان شديدًا على الخوارج، قتل منهم جماعة، توفي سنة ٥٨ هـ.

[يُنظر: الطبقات الكبرى، (٦/ ٣٤). و: أسد الغابة، (٢/ ٥٢٧). و: سير أعلام النبلاء، (٣/ ١٨٣)].

<<  <   >  >>