للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النموذج الثالث:

في (المنثور): «الضرر لا يُزال بالضرر. كذا أطلقوه، واستدرك زين الدين الكتاني فقال: لابد من النظر لأخفهما وأغلظهما. انتهى» (١).

تحليل الاستدراك:

فالاستدراك هنا على النفي المطلق في إزالة الضرر بالضرر؛ لأنه مقيَّد بقواعد أخرى تسمح بإزالة الضرر الأغلظ بالضرر الأخف، المُناسبة لبعض الحالات كقاعدة «الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف»، وجزءٌ منها قاعدة «يتحمل الضرر الخاص لدفع ضرر عام» (٢).

النموذج الرابع:

قول الرهوني في (حاشيته على الزرقاني): «ظاهر كلام غير واحد من أهل المذهب وصريح كلام آخرين منهم أن الخلاف السابق محله إذا انقطع التعامل بالسكة القديمة جملة، وأما إذا تغيرت بزيادة أو نقص فلا، وممن صرح بذلك أبو سعيد بن لب. قلتُ: وينبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم يكثر جدًّا حتى يصير القابض لها كالقابض لما لا كبير منفعة فيه؛ لوجود العلة التي علل بها المخالف. والله أعلم» (٣).

تحليل الاستدراك:

فهنا بعد أن حكى الرهوني الخلاف في المذهب المالكي في مسألة قضاء ما ثبت في الذمة وكان ثبوته قبل انقطاع التعامل بالسكة وحلّ وقته بعدَ انقطاع التعامل بها، نبّه أن هذا الخلاف لا يمتدّ إلى صورة تغير قيمة السكة بزيادة أو نقص، حيث يقضي ما ثبت في ذمته بنفس السكة بلا زيادة ولا نقصان، ولكنه استدرك على هذا الإطلاق بأنه إنما يكون فيما لو لم يكن نقص القيمة كبيرًا جدًّا؛ فإنها تلحق بمسألة الانقطاع؛ لاشتراكهما في العلة.


(١) (٢/ ٣٢١).
(٢) يُنظر في مناقشة القاعدة «الضرر لا يزال بالضرر» مع التمثيل لها وذكر ما يقيدها: الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية، محمد صدقي البورنو، (٢٥٩) وما بعدها.
(٣) (٥/ ١٢١).

<<  <   >  >>