للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويصف محمد الفاضل بن عاشور (١) عمل الغزالي في (وجيزه): «فالغزالي درس الفقه الشافعي على هذه الطريقة (٢) في كتبه المبسوطة والمطوّلة ... ثم بدا له بما

كان عنده من رأي في النقد المنهجي للطريقة التي يسير عليها الفقه - ولا سيما عند الشافعية وهي الطريقة الجدلية التي كانت روح الجدل فيها غالبة على روح الأصول - رأى بما عنده من نقد للطريقة الجدلية في كتاب (إحياء علوم الدين) أن سعة النقل في الفقه وتعبيد كثرة الأقوال أمر لما تبين أن تلك الأقوال مرتبة ترتيبًا تقديريا، وأن بعضها أولى به من أن يؤخذ به من بعض، فإن الأولى ألا نأخذ إلا بالأولى، وأن نختصر الفقه اختصارًا جديدًا نقتصر فيه على أخذ القول الراجح، أو القول المصحح من بين تلك الأقوال المختلفة في كل مسألة، فأخرج كتابه الذي لخصه من كتبه الأخرى، وهو كتاب (الوجيز)» (٣).

النموذج الثالث:

كتاب (شرح الوجيز) قال عنه النووي: «وكانت مصنفات أصحابنا - رحمهم الله - في نهاية من الكثرة فصارت منتشرات، مع ما هي عليه من الاختلاف في الاختبارات، فصار لا يحقق المذهب من أجل ذلك إلا أفراد من الموفقين الغواصين المطلعين أصحاب الهمم العاليات، فوفق الله - سبحانه وتعالى وله الحمد - من متأخري أصحابنا


(١) هو: محمد الفاضل بن محمد الطاهر ابن عاشور، أديب خطيب، مشارك في علوم الدين، من طلائع النهضة الحديثة النابهين في تونس، تخرج بالمعهد الزيتوني وأصبح أستاذا فيه فعميدا. وكان من أنشط أقرانه دؤوبا على مكافحة الاستعمار الذي كان يسمى (الحماية) وألقى محاضرات في الصربون (بفرنسة) وجامعة اسطنبول وجامعة عليكره في الهند. وشارك في ندوات علمية كثيرة وفي بعض مؤتمرات المستشرقين. وشغل خطة القضاء بتونس ثم منصب مفتي الجمهورية. وهو من أعضاء المجمع اللغوي بالقاهرة ورابطة العالم الإسلامي بمكة، من كتبه: أعلام الفكر الإسلامي في تاريخ المغرب العربي، والحركة الأدبية والفكرية في تونس، التفسير ورجاله. توفي سنة ١٣٩٠ هـ.
[يُنظر: الأعلام، (٦/ ٣٢٥)].
(٢) وهي طريقة النقد والاختيار والتنقيح.
(٣) محاضرات، محمد الفاضل بن عاشور، (٧٤).

<<  <   >  >>