للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك أن يتوقع الفقيه وقوع خلل في فهم المستفيد للعمل الفقهي، فيستدرك الخلل المتوقع قبل وقوعه تنزيلاً للمتوقع بمنزلة الواقع، أو تظهر له أمارات صريحة أو غير صريحة لهذا التوهم فيستدركه.

ويُمكن أن يُطلق على هذا الغرض (إزالة اللبس) أيضًا، فمعناهما متقارب.

وفائدته: معالجةُ خلل الفهم المتوقّع هو تدارُكٌ للأمر قبل وقوعه؛ لأنه إذا وقع قد يصعُب إزالته، وهو تهيئةٌ للمستفيد لمواجهة ما قد يرد عليه من إشكالات قد يحارُ في الجواب عنها، فيُعطيه الفقيه من خبرته التي حصّلها من ممارسة النظر والاستدلال والترجيح والفتوى ومعرفته بالواقع ... ما يُعِدّه للتصدي للإيرادات، وحل الإشكالات، ودفع الشبهات، ولإكمال المسيرة فيبدأ من حيث انتهى الآخرون.

تطبيقاته:

النموذج الأول:

جاء في (صحيح مسلم): «قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الله (١): مَا حَجَبَنِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلاَ رَآنِي إِلاَّ ضَحِكَ» (٢).

قال في (المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم): «ولا يفهم من هذا أن جريرًا كان يدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بيته من غير إذن؛ فإنَّ ذلك لا يصحُّ لحرمة بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولما يُفضي ذلك إليه من الاطلاع على ما لا يجوز من عورات البيوت» (٣).


(١) هو: أبو عمرو، وقيل: أبو عبد الله، جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك بن نصر بن ثعلبة، البجلي القسري، الأمير النبيل الجميل.
من أعيان الصحابة، أسلم قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأربعين يوما، وبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - على النصح لكل مسلم، وكان حسن الصورة؛ قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: جرير يوسف هذه الأمة، وهو سيد قومه.
لم يزل معتزلاً لعلي ومعاوية - رضي الله عنهما - بالجزيرة ونواحيها، حتى توفي بالشراة في ولاية الضحاك بن قيس على الكوفة، توفي سنة (٥١ هـ وقيل ٥٤ هـ)
[يُنظر: أسد الغابة، (١/ ٤٠٩). و: سير أعلام النبلاء، (٢/ ٥٣٠ - ٥٣٦)].
(٢) (١١٥٧)، ك فضائل الصحابة، ب من فضائل جرير بن عبد الله - رضي الله عنه -، رقم (١٣٤ - ٢٤٧٥).
(٣) (٦/ ٤٠٣).

<<  <   >  >>