للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فخُشي أن يُفهم من نفي الحجب أنه كان يدخل بدون استئذان؛ حملاً للفظ (الحجب) على المعنى المعهود، فنفيه يقتضي الدخول بلا استئذان، فبيّن أن هذا المعنى غير مراد، بل مراده من نفي الحجب هو المبالغة في إكرام النبي - صلى الله عليه وسلم - له حيث ما إن يعلم باستئذانه إلا ويأذن له ويبادر في ذلك، ويترك ما يكون فيه (١).

النموذج الثاني:

أن عَلِيَّ بْنَ مُدْرِكٍ (٢) قَالَ: «رَأَيْتُ أَبَا أَيُّوبَ (٣)، فَنَزَعَ خُفَّيْهِ، فَنَظَرُوا إِلَيْهِ. فَقَالَ: أَمَا إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا وَلَكِنْ حُبِّبَ إِلَيَّ الْوُضُوءُ» (٤).

ففهم أبو أيوب - رضي الله عنه - معنى نظرهم إليه، وهو نظر استنكار لنزع الخفين مع ثبوت رخصة المسح عليهما، فبادر بالاستدراك؛ لئلا يُظن أنه لا يُثبِتُ هذه الرخصة، أو أن عنده علمًا بنسخها.


(١) المرجع السابق، نفس الجزء والصفحة.
(٢) هو: أبو مدرك، علي بن مدرك النخعي ثم الوهبيلي، الكوفي، ثقة، مات سنة ١٢٠ هـ. [يُنظر: تهذيب الكمال، (٢١/ ١٢٦). و: تقريب التهذيب، (٧٠٤)].
(٣) هو أبو أيوب، خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة، الأنصاري الخزرجي النجاري البدري، السيد الكبير. مشهور بكنيته، شهد العقبة وبدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، خصه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنزول عليه في بني النجار إلى أن بنيت له حجرة أم المؤمنين سودة - رضي الله عنها - ومسجده الشريف، وآخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين مصعب بن عمير، توفي مجاهدًا وكان في جيش أميرُه يزيد بن معاوية، سنة ٥٢ هـ، ودفنوه بالقرب من القسطنطينية وقبره بها.
[يُنظر: أسد الغابة، (٢/ ١١٦). و: سير أعلام النبلاء، (٢/ ٤٠٢)].
(٤) رواه أحمد في مسنده، (٣٨/ ٥٤٩)، رقم (٢٣٥٧٤). وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين. [يُنظر نفس الجزء والصفحة].

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى، (١/ ٢٩٣)، ك الطهارة، ب باب جَوَازِ نَزْعِ الْخُفِّ وَغَسْلِ الرِّجْلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ رَغْبَةٌ عَنِ السُّنَّةِ، رقم (١٤٤٨) و: (٣/ ١٤٠)، نفس الكتاب، ب من ترك المسح على الخفين غير رغبة عن السنة، رقم (٥٦٢٥).
والطبراني في المعجم الكبير، (٤/ ٢٠٨)، رقم (٣٨٨٥). و: (٤/ ٢٣٢)، رقم (٣٩٣٦) وَ (٣٩٣٧).
وابن أبي شيبة في مصنفه، (١/ ١٦١)، ك الطهارات، ب في المسح على الخفين، رقم (١٨٥٤).

<<  <   >  >>