للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - اقتصر التعريف الأول على جعْل الأقوال وحدها موضوعًا (١) للاستدراك، ويبدو لي أن ذلك راجع إلى العرف النحوي - والأصوليون تبعٌ للنحويين في ذلك - لأن موضوع علم النحو هو القول، بينما أطلق التعريف الثاني المُصلَح والمكمّل والمُزال عنه اللبس بحذف المتعلّق، وعمم التعريف الثالث ذلك بالتعبير بـ «النشاط».

٣ - أشارت التعريفات إلى موقع الاستدراك من الزمن وهو (البَعْديَّة)، فالاستدراك يكون بعد المُستدرَك عليه وقوعًا، ولا يُمكن تصوره قبله، أشار التعريف الأول لذلك بقوله: «سابق»، بينما أشار التعريف الثاني لذلك بالتعبير بالفعل الماضي «وقع»، والتعريف الثالث بالتعبير بالفعل الماضي «قام»، وهو لازمٌ مهمٌّ في التعريف.

٤ - فسّرت التعريفات الاستدراك بمعناه المصدري؛ فذات رفع التوهم (٢)، وذات الإصلاح والإكمال والإزالة (٣)، ونفس العملية التي يقوم بها الشخص هي الاستدراك (٤)، وليس ما يحصل به ذلك وهو (المُستَدْرَك)، وبين المقامين فرق ظاهر، ففي التعبير بالأول: تفسير جنس المصطلح بالحَدَث، وفي التعبير بالثاني: تفسير جنس المصطلح بإقامة المفعول مقام المصدر، والتفسير بالحدث أولى، للفرقِ بين الفعل والمفعول، فالاستدراك هو الفعل، والمستدرَك هو ناتج الفعل.

٥ - أطلق التعريف الثاني غرضَ إكمال النقص، وفي نظري أن تكميل النقص ليس دائمًا استدراكًا في العُرف الاصطلاحي، كوفاة المؤلِّف قبل تمام مؤلَّفه، فتكميله


(١) أي محل البحث فيه، وموضوع كل شيء هو محل البحث فيه. يُنظر: الإحكام في أصول الأحكام، علي بن محمد الآمدي، (١/ ٨). و: إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، محمد بن علي الشوكاني، (١/ ٣٣). و: نثر الورود، (١/ ٣١).
(٢) في التعريف الأول.
(٣) في التعريف الثاني.
(٤) في التعريف الثالث.

<<  <   >  >>