للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحديث (١) حجة على داود لا له؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - همّ ولم يفعل، ولأنه يخبرهم أن من تخلف عن الجماعة فصلاته غير مجزئة، وهو موضع البيان» (٢).

وفي (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم) في أثناء الكلام على حديث قتل أسامة - رضي الله عنه - للرجل الذي قال: لا إله إلا الله لما رفع عليه أسامةُ السلاح (٣)، فقال: «فإنْ قيل: إذا استحال أن يكونَ قتلُ أسامةَ لذلك الرجلِ عمدًا؛ لِمَا ذكرتم، وثبَتَ أنَّه خطأ، فلِمَ لم يُلْزِمْهُ الكَفَّارةَ، والعاقلةَ الديةَ؟

فالجوابُ: أنَّ ذلك مسكوتٌ عنه، وغيرُ منقولٍ شيءٌ منه في الحديث ولا في شيءٍ من طرقه؛ فيَحْتَمِلُ أن يكونَ النبي - صلى الله عليه وسلم - حكَمَ بلزومِ ذلك على أسامةَ وعاقلتِهِ ولم يُنْقَلْ.

وفيه بعد؛ إذْ لو وقَعَ شيءٌ من ذلك لَنُقِلَ في طريقٍ من الطرق، مع أنَّ العادة تقتضي التحدُّثَ بذلك والإشاعةَ. وَيَحْتملُ أن يقال: إنَّ ذلك كان قبل نزولِ حُكْمِ الكفَّارة والدية، والله أعلم» (٤).


(١) هو حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلاَةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاَةُ الْعِشَاءِ وَصَلاَةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّىَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصَّلاَةَ؛ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ». [صحيح مسلم، (٢٩٢)، ك المساجد ومواضع الصلاة، ب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، رقم (٢٥٢ - ٦٥١). وأخرجه البخاري في: صحيحه، (١/ ١٣٢) ك الأذان، ب فضل العشاء في جماعة، رقم (٦٥٧). وفي مواضع أخرى من صحيحه].
(٢) (١٢٧). وقول القاضي عياض في: إكمال المعلم، (٢/ ٦١٨).
(٣) من صحيح مسلم، من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - ولفظه: «بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - في سَرِيَّةٍ فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ فَأَدْرَكْتُ رَجُلاً فَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟ ». قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاَحِ. قَالَ: «أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لاَ؟ » فَمَازَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَىَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّى أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ». [(٥٦)، ك الإيمان، ب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله، رقم (١٥٨ - ٩٦)].
(٤) (١/ ٢٩٧).

<<  <   >  >>