لأن اللفظ مُحتمل لمعنيين: القعود في أول الخطبة، والقعود بين الخطبتين، فصار اللفظ مُجمَلاً يحتاج إلى بيان، فيسقط الاستدلال به.
ومن جهة أخرى يحتمل أن الراوي تجوّز بقوله:«قاعد»، فلا يُستفادُ من لفظه حقيقة القعود، والصارف المسوّغ للانتقال من حقيقة اللفظ إلى مجازه هو دلالة باقي الأحاديث الواردة في نفس القصة.
المنهج: منهج متكامل جمع بين العقلي والنقلي.
أما المنهج العقلي فهو بتطبيق القاعدة الأصولية في استعمالها لإبطال الاستدلال بلفظ «قاعد» على أن القعود كان في أول الخطبة، حيث استفاد منه المُخالف أن الأمر بالصلاة كان قبل الخطبة، وبالتالي لا دلالة - عند المخالف - على جواز صلاة التحية أثناء الخطبة.
أما المنهج النقلي فهو بالرجوع للأحاديث الصحيحة في نفس القصة، والتي بها يرتفع الاحتمال في لفظ «قاعد»، فهي صريحة في أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجلَ بصلاة الركعتين كان في أثناء الخطبة، ولم يكن في أولها، فيسلم بذلك الاستدلال على جواز صلاة التحية أثناء الخطبة.
ويُمكن الاكتفاء بأحد المنهجين عن الآخر في الاستدراك، فيُمكن الاكتفاء بتطبيق القاعدة الأصولية حيث يبطل بها استدلال المخالف، ليرجع إلى القول بالجواز، وكذلك يمكن الاكتفاء بإيراد الأحاديث الصحيحة في نفس القصة، وترجيحها على غيرها للصحة والصراحة في اللفظ.